الشَّيْطَانُ وَنَفْسُهُ تَقْبَلُهُ مِنْ الشَّيْطَانِ؛ فَإِنَّهُ يُزَيِّنُ لَهَا الشَّيْءَ فَتُطِيعُهُ فِيهِ وَلَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ الشَّيْطَانِ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ؛ وَلَكِنْ يَفُوتُهُ بِهِ نَوْعٌ مِنْ الْحَسَنَاتِ كَالنِّسْيَانِ فَإِنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَالِاحْتِلَامُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَالنُّعَاسُ عِنْدَ الذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ مِنْ الشَّيْطَانِ وَالصَّعْقُ عِنْدَ الذِّكْرِ مِنْ الشَّيْطَانِ وَلَا إثْمَ عَلَى الْعَبْدِ فِيمَا غُلِبَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِقَصْدِ مِنْهُ أَوْ بِذَنْبِ. فَقَوْلُهُ: {إنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} وَشِبْهُهَا مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ: مِنْ هَذَا الْبَابِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ} فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى تَصْدِيقِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ وَفِعْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ ابْتِدَاءً وَتَبْلِيغًا كَالْقُرْآنِ وَقَدْ قَالَ: " إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْأَمَانَةَ فِي جِذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ " فَهِيَ تَنْزِلُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نُورِهِ وَهُدَاهُ وَهَذِهِ حَسَنَاتٌ دِينِيَّةٌ وَعُلُومٌ دِينِيَّةٌ حَقُّ نَافِعَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهُوَ الْإِيمَانُ الَّذِي هُوَ إفْضَالُ الْمُنْعِمِ، وَهُوَ أَفْضَلُ النِّعَمِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} فَقَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ نِعَمُ الدُّنْيَا كُلُّهَا كَالْعَافِيَةِ وَالرِّزْقِ وَالنَّصْرِ وَتِلْكَ حَسَنَاتٌ يَبْتَلِي اللَّهُ الْعَبْدَ بِهَا. كَمَا يَبْتَلِيهِ بِالْمَصَائِبِ هَلْ شَكَرَ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَصْبِرُ أَمْ لَا؟ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} وَقَالَ: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ} الْآيَاتُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute