للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ يُقَالُ فِي الشَّيْءِ إنَّهُ مِنْ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ مَخْلُوقًا إذَا كَانَ مُخْتَصًّا بِاَللَّهِ كَآيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا قَالَ لِمُوسَى: {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ} وَقَلْبِ الْعَصَا حَيَّةً وَإِخْرَاجِ الْيَدِ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ لَكِنَّهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ دَلَّ بِهِ وَأَرْشَدَ إلَى صَدْقِ نَبِيِّهِ مُوسَى وَهُوَ تَصْدِيقٌ مِنْهُ وَشَهَادَةٌ مِنْهُ لَهُ بِالرِّسَالَةِ وَالصِّدْقِ فَصَارَ ذَلِكَ مِنْ اللَّهِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ مِنْ اللَّهِ وَالشَّهَادَةِ مِنْ اللَّهِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ مِمَّا تَفْعَلُهُ الشَّيَاطِينُ وَالْكُهَّانُ كَمَا يُقَالُ: هَذِهِ عَلَامَةٌ مِنْ فُلَانٍ وَهَذَا دَلِيلٌ مِنْ فُلَانٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَلَامًا مِنْهُ. وَقَدْ سَمَّى مُوسَى ذَلِكَ بَيِّنَةً مِنْ اللَّهِ فَقَالَ: {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} فَقَوْلُهُ: بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ كَقَوْلِهِ: {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ} . وَهَذِهِ الْبَيِّنَةُ هُنَا حُجَّةٌ وَآيَةٌ وَدَلَالَةٌ مَخْلُوقَةٌ تَجْرِي مَجْرَى شَهَادَةِ اللَّهِ وَإِخْبَارُهُ بِكَلَامِهِ كَالْعَلَامَةِ الَّتِي يُرْسِلُ بِهَا الرَّجُلُ إلَى أَهْلِهِ وَكِيلَهُ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي الْآيَةِ: هِيَ كَالْخَاتَمِ تَبْعَثُ بِهِ فَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ صَدِّقُوهُ فِيمَا قَالَ أَوْ أَعْطُوهُ مَا طَلَبَ. فَالْقُرْآنُ وَالْهُدَى مِنْهُ وَهُوَ مِنْ كَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَحُكْمِهِ الَّذِي هُوَ قَائِمٌ بِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَهَذِهِ الْآيَاتُ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُكْتَبُ كَلَامُهُ فِي