وَأَيْضًا فَالدَّاعِي إلَى الْكُفْرِ وَالْبِدْعَةِ وَإِنْ كَانَ أَضَلَّ غَيْرَهُ فَذَلِكَ الْغَيْرُ يُعَاقَبُ عَلَى ذَنْبِهِ؛ لِكَوْنِهِ قَبِلَ مِنْ هَذَا وَاتَّبَعَهُ وَهَذَا عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَوِزْرُ مَنْ اتَّبَعَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَعَ بَقَاءِ أَوْزَارِ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ فَإِذَا تَابَ مِنْ ذَنْبِهِ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَلَا مَا حَمَلَهُ هُوَ لِأَجْلِ إضْلَالِهِمْ وَأَمَّا هُمْ فَسَوَاءٌ تَابَ أَوْ لَمْ يَتُبْ حَالُهُمْ وَاحِدٌ؛ وَلَكِنَّ تَوْبَتَهُ قَبْلَ هَذَا تَحْتَاجُ إلَى ضِدِّ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الدُّعَاءِ إلَى الْهُدَى كَمَا تَابَ كَثِيرٌ مِنْ الْكُفَّارِ وَأَهْلُ الْبِدَعِ وَصَارُوا دُعَاةً إلَى الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ. وَسَحَرَةُ فِرْعَوْنَ كَانُوا أَئِمَّةً فِي الْكُفْرِ ثُمَّ أَسْلَمُوا وَخَتَمَ اللَّهُ لَهُمْ بِخَيْرِ. وَمِنْ ذَلِكَ تَوْبَةُ قَاتِلِ النَّفْسِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا تُقْبَلُ؛ وَعَنْ أَحْمَد رِوَايَتَانِ. وَحَدِيثُ قَاتِلِ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ فِي الصَّحِيحَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَآيَةُ النِّسَاءِ إنَّمَا فِيهَا وَعِيدٌ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: {إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} وَمَعَ هَذَا فَهَذَا إذَا لَمْ يَتُبْ. وَكُلُّ وَعِيدٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ التَّوْبَةِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ فَبِأَيِّ وَجْهٍ يَكُونُ وَعِيدُ الْقَاتِلِ لَاحِقًا بِهِ وَإِنْ تَابَ؟ هَذَا فِي غَايَةِ الضَّعْفِ؟ وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمَظْلُومِ بِالْقَتْلِ؛ بَلْ التَّوْبَةُ تُسْقِطُ حَقَّ اللَّهِ وَالْمَقْتُولُ مُطَالِبُهُ بِحَقِّهِ وَهَذَا صَحِيحٌ فِي جَمِيعِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ حَتَّى الدَّيْنِ فَإِنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute