للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الشَّهِيدُ يُغْفَرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الدَّيْنُ} لَكِنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ يُعْطَاهُ مِنْ حَسَنَاتِ الْقَاتِلِ. فَمِنْ تَمَامِ التَّوْبَةِ أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ الْحَسَنَاتِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مَا يُقَابِلُ حَقَّ الْمَقْتُولِ وَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَأَى أَنَّ الْقَتْلَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ بَعْدَ الْكُفْرِ فَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِهِ حَسَنَاتٌ تُقَابِلُ حَقَّ الْمَقْتُولِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى لَهُ سَيِّئَاتٌ يُعَذَّبُ بِهَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ قَدْ يَقَعُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ فَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَنْ تَابَ وَأَخْلَصَ: وَعَجَزَ عَنْ حَسَنَاتٍ تُعَادِلُ حَقَّ الْمَظْلُومِ هَلْ يُجْعَلُ عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَقْتُولِ مَا يُعَذَّبُ بِهِ؟ وَهَذَا مَوْضِعٌ دَقِيقٌ عَلَى مِثْلِهِ يُحْمَلُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يُنَافِي مُوجَبَ الْآيَةِ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْفِرُ كُلَّ ذَنْبٍ الشِّرْكَ وَالْقَتْلَ وَالزِّنَا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَهِيَ عَامَّةٌ فِي الْأَفْعَالِ مُطْلَقَةٌ فِي الْأَشْخَاصِ. وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ: {اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} عَامٌّ فِي الْأَشْخَاصِ مُطْلَقٌ فِي أَحْوَالِ. . . (١) الْأَرْجُلِ؛ إذْ قَدْ تَكُونُ مَسْتُورَةً بِالْخُفِّ وَاللَّفْظُ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَى الْأَحْوَالِ. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} عَامٌّ فِي الْأَوْلَادِ عَامٌّ فِي الْأَحْوَالِ؟ إذْ قَدْ يَكُونُ الْوَلَدُ مُوَافِقًا فِي الدِّينِ وَمُخَالِفًا وَحُرًّا وَعَبْدًا. وَاللَّفْظُ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَى الْأَحْوَالِ.


(١) سقط بالأصل
قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ١٣٧):
والذي يظهر أن العبارة مع السقط هي: (" فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ " عام في الأشخاص مطلق في أحوال [المشركين، وكذلك قوله تعالى: " وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ " فهذا عام في الأرجل مطلق في أحوال] الأرجل، إذ قد تكون مستورة بالخف. . .) (١).
تنبيه:
بعد هذا بسطر قال (وكذلك قوله: " يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ " عام في الأولاد عام في الأحوال)، وهو - والله أعلم - وهم من الناسخ، وصوابه (عام في الأولاد مطلق في الأحوال).

(١) انظر المنهاج: ٤/ ١٧٩.