وَأَمَّا الْهَمَّازُ الْمَشَّاءُ بِنَمِيمِ: فَالْهَمْزُ أَقْوَى مِنْ اللَّمْزِ وَأَشَدُّ - سَوَاءٌ كَانَ هَمْزَ الصَّوْتِ أَوْ هَمْزَ حَرَكَةٍ - وَمِنْهُ " الْهَمْزَةُ " وَهِيَ نَبْرَةٌ مِنْ الْحَلْقِ مِثْلُ التَّهَوُّعِ وَمِنْهُ الْهَمْزُ بِالْعَقِبِ كَمَا فِي حَدِيثِ زَمْزَمَ: {أَنَّهُ هَمْزُ جِبْرِيلَ بِعَقِبِهِ} وَالْفَعَّالُ: مُبَالَغَةٌ فِي الْفَاعِلِ. فَالْهَمَّازُ الْمُبَالِغُ فِي الْعَيْبِ نَوْعًا وَقَدْرًا. الْقُدْرَةُ مِنْ صُورَةِ اللَّفْظِ وَهُوَ الْفَعَّالُ. وَالنَّوْعُ مِنْ مَادَّةِ اللَّفْظِ وَهُوَ الْهَمْزَةُ. وَالْمَشَّاءُ بِنَمِيمِ هُوَ مِنْ الْعَيْبِ وَلَكِنَّهُ عَيْبٌ فِي الْقَفَا فَهُوَ عَيْبُ الضَّعِيفِ الْعَاجِزِ. فَذَكَرَ الْعَيَّابَ بِالْقُوَّةِ وَالْعَيَّابَ بِالضَّعْفِ وَالْعَيَّابَ فِي مَشْهَدٍ وَالْعَيَّابَ فِي مَغِيبٍ. وَأَمَّا {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} فَإِنَّ الظُّلْمَ نَوْعَانِ: تَرْكُ الْوَاجِبِ وَهُوَ مَنْعُ الْخَيْرِ وَتَعَدٍّ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ الْمُعْتَدِي. وَأَمَّا الْأَثِيمُ مَعَ الْمُعْتَدِي فَكَقَوْلِهِ: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} . وَأَمَّا الْعُتُلُّ الزَّنِيمُ: فَهُوَ الْجَبَّارُ الْفَظُّ الْغَلِيظُ الَّذِي قَدْ صَارَ مِنْ شِدَّةِ تَجَبُّرِهِ وَغِلَظِهِ مَعْرُوفًا بِالشَّرِّ مَشْهُورًا بِهِ لَهُ زَنَمَةٌ كَزَنَمَةِ الشَّاةِ. وَيُشْبِهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ الْحَلَّافُ الْمَهِينُ الْهَمَّازُ الْمَشَّاءُ بِنَمِيمِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهُوَ فِي الْأَقْوَالِ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ الْأَفْعَالِ وَالْمَنَّاعُ الْمُعْتَدِي الْأَثِيمُ الْعُتُلُّ الزَّنِيمُ مِنْ جِنْسٍ وَهُوَ فِي الْأَفْعَالِ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ الْأَقْوَالِ. فَالْأَوَّلُ الْغَالِبُ عَلَى جَانِبِ الْأَعْرَاضِ وَالثَّانِي الْغَالِبُ عَلَى جَانِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute