للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَقِيَّةِ الْأَسْمَاءِ كَالصِّفَاتِ وَمَا يُشْبِهُهَا مِثْلُ أَسْمَاءِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْآلَاتِ وَالْمَفَاعِيلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ: إنَّ الْوَجْهَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْمُوَاجَهَةِ: فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ قَدْ عَارَضَهُ مَنْ قَالَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَجَاهَةِ؛ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ. وَإِنَّمَا الْمُوَاجَهَةُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَجْهِ كَمَا أَنَّ الْمُشَافَهَةَ مُشْتَقٌّ مِنْ الشَّفَةِ وَالْمُنَاظَرَةَ - بِمَعْنَى الْمُقَابَلَةِ - مُشْتَقَّةٌ مِنْ النَّظَرِ وَالْمُعَايَنَةَ مِنْ الْعَيْنِ. وَأَمَّا اشْتِقَاقُ الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ الْمُتَوَجِّهُ. مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ التَّوَجُّهُ؛ فَهَذَا أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ تَوَجُّهَهُ: هُوَ فِعْلُهُ الْمُخْتَصُّ بِهِ الَّذِي لَا يُفْتَقَرُ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُوَاجَهَةِ فَإِنَّهَا تَسْتَدْعِي اثْنَيْنِ وَالْإِنْسَانُ هُوَ حَارِثٌ هَمَّامٌ وَهَمُّهُ هُوَ تَوَجُّهُهُ وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ بِهَذَا الْعُضْوِ إلَى أَيِّ شَيْءٍ أَرَادَهُ وَتَوَجَّهَ إلَيْهِ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْله تَعَالَى {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} وَقَوْلُ الْخَلِيلِ وَنَبِيُّنَا وَالْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّلَاةِ: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وقَوْله تَعَالَى {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} الْآيَةَ وَقَوْلُهُ: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} وَقَوْلُهُ: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ} وَقَوْلُهُ: {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ