للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِعَدَمِهِ. كَمَا يُسَارِعُ الْمُؤْمِنُونَ إلَى فِعْلِ التَّطَوُّعَاتِ وَالنَّوَافِلِ لِمَا فِيهَا مِنْ النَّفْعِ وَإِنْ كَانَ لَا عُقُوبَةَ فِي تَرْكِهَا. كَمَا يُحِبُّ الْإِنْسَانُ عُلُومًا نَافِعَةً وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِتَرْكِهَا. وَكَمَا قَدْ يُحِبُّ مَحَاسِنَ الْأَخْلَاقِ وَمَعَالِيَ الْأُمُورِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَاللَّذَّةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا بِتَرْكِهَا. فَهُوَ إذَا تَذَكَّرَ آلَاء اللَّهِ وَتَذَكَّرَ إحْسَانَهُ إلَيْهِ فَهَذَا قَدْ يُوجِبُ اعْتِرَافَهُ بِحَقِّ اللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ وَإِحْسَانِهِ إلَيْهِ وَيَقْتَضِي شُكْرَهُ لِلَّهِ وَتَسْلِيمَ قَوْمِ مُوسَى إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَذَابًا. فَهَذَا قَدْ حَصَلَ بِمُجَرَّدِ التَّذَكُّرِ. قَالَ {أَوْ يَخْشَى} . وَنَفْسُ الْخَشْيَةِ إذَا ذَكَرَ لَهُ مُوسَى مَا تَوَعَّدَهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَإِنَّ هَذَا الْخَوْفَ قَدْ يَحْمِلُهُ عَلَى الطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ وَلَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ. وَقَدْ يَحْصُلُ تَذَكُّرٌ بِلَا خَشْيَةٍ وَقَدْ يَحْصُلُ خَشْيَةٌ بِلَا تَذَكُّرٍ وَقَدْ يَحْصُلَانِ جَمِيعًا وَهُوَ الْأَغْلَبُ. قَالَ تَعَالَى: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} . وَأَيْضًا فَذِكْرُ الْإِنْسَانِ يَحْصُلُ بِمَا عَرَفَهُ مِنْ الْعُلُومِ قَبْلَ هَذَا فَيَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ عَقْلِهِ وَخَشْيَتُهُ تَكُونُ بِمَا سَمِعَهُ مِنْ الْوَعِيدِ. فَبِالْأَوَّلِ يَكُونُ مِمَّنْ لَهُ قَلْبٌ يَعْقِلُ بِهِ وَالثَّانِي يَكُونُ مِمَّنْ لَهُ أُذُنٌ يَسْمَعُ بِهَا.