للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ تَحْصُلُ الذِّكْرَى الْمُوجِبَةُ لِلْخَيْرِ بِهَذَا وَبِهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ} {إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} . الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ: أَنَّ التَّذَكُّرَ سَبَبُ الْخَشْيَةِ وَالْخَشْيَةُ حَاصِلَةٌ عَنْ التَّذَكُّرِ. فَذَكَرَ التَّذَكُّرَ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ وَذَكَرَ الْخَشْيَةَ الَّتِي هِيَ النَّتِيجَةُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْتَلْزِمًا لِلْآخَرِ كَمَا قَالَ {إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} وَكَمَا قَالَ أَهْلُ النَّارِ: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} وَقَالَ: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} فَكُلٌّ مِنْ النَّوْعَيْنِ يَحْصُلُ بِهِ النَّجَاةُ لِأَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْآخَرِ. فَاَلَّذِي يَسْمَعُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ سَمْعًا يَعْقِلُ بِهِ مَا قَالُوهُ يَنْجُو. وَإِلَّا فَالسَّمْعُ بِلَا عَقْلٍ لَا يَنْفَعُهُ كَمَا قَالَ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إلَيْكَ حَتَّى إذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} وَقَالَ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ} وَقَالَ: {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} .