وَقَالَ: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ} وَقَالَ {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} {الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} وَقَالَ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ: {هَلْ لَكَ إلَى أَنْ تَزَكَّى} {وَأَهْدِيَكَ إلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} . وَعَطَفَ عَلَيْهِ {أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} لِوُجُوهِ: أَحَدُهَا: أَنْ التَّزَكِّيَ يَحْصُلُ بِامْتِثَالِ أَمْرِ الرَّسُولِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ لَا يَتَذَكَّرُ عُلُومًا عَنْهُ كَمَا قَالَ: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ} ثُمَّ قَالَ: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} . فَالتِّلَاوَةُ عَلَيْهِمْ وَالتَّزْكِيَةُ عَامٌّ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعْلِيمُ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ خَاصٌّ بِبَعْضِهِمْ. وَكَذَلِكَ التَّزَكِّي عَامٌّ لِكُلِّ مَنْ آمَنَ بِالرَّسُولِ وَأَمَّا التَّذَكُّرُ فَهُوَ مُخْتَصٌّ لِمَنْ لَهُ عُلُومٌ يَذَّكَّرُهَا فَعَرَفَ بِتَذَكُّرِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ غَيْرُهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ {أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} يَدْخُلُ فِيهِ النَّفْعُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَالتَّزَكِّي أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ. الثَّالِثُ: أَنَّ التَّذَكُّرَ سَبَبُ التَّزَكِّي. فَإِنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ خَافَ وَرَجَا فَتَزَكَّى. فَذَكَرَ الْحُكْمَ وَذَكَرَ سَبَبَهُ. ذَكَرَ الْعَمَلَ وَذَكَرَ الْعِلْمَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَلْزِمٌ لِلْآخَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute