فَإِنَّهُ لَا يَتَزَكَّى حَتَّى يَتَذَكَّرَ مَا يَسْمَعُهُ مِنْ الرَّسُولِ كَمَا قَالَ: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} . فَلَا بُدَّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ خَشْيَةٍ وَتَذَكُّرٍ. وَهُوَ إذَا تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ وَقَدْ تَتِمُّ الْمَنْفَعَةُ فَيَتَزَكَّى. وَقَوْلُهُ: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} فِيهِ أَيْضًا نَحْوَ هَذِهِ الْوُجُوهِ. فَإِنَّ الشَّاكِرَ قَدْ يَشْكُرُ اللَّهَ عَلَى نِعَمِهِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ وَالتَّذَكُّرُ قَدْ يَقْتَضِي الْخَشْيَةَ. وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّذَكُّرَ يَقْتَضِي الْخَوْفَ مِنْ الْعِقَابِ وَطَلَبَ الثَّوَابِ فَيَعْمَلُ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَالشُّكْرِ عَلَى النِّعَمِ الْمَاضِيَةِ. وَأَيْضًا فَالتَّذَكُّرُ تَذَكُّرُ عُلُومٍ سَابِقَةٍ وَمِنْهَا تَذَكُّرُ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ فَهُوَ سَبَبٌ لِلشُّكْرِ. تَذَكُّرُ السَّبَبِ وَالْمُسَبِّبِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الشُّكْرَ يَقْتَضِي الْمَزِيدَ مِنْ النِّعَمِ وَالتَّذَكُّرَ قَدْ يَكُونُ لِهَذَا وَقَدْ يَكُونُ خَوْفًا مِنْ الْعَذَابِ. وَقَدْ يَكُونُ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَالشَّاكِرُ قَدْ يَشْكُرُ الشُّكْرَ الْوَاجِبَ لِئَلَّا يَكُونَ كَفُورًا فَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِ الشُّكْرِ بِسَلْبِ النِّعْمَةِ وَعُقُوبَاتٍ أُخَرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute