وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إنَّ هَذِهِ الْأَرْوَاحَ الَّتِي وَلَدَهَا مُتَّصِلَةٌ بِالْأَفْلَاكِ: الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ كَاتِّصَالِ اللَّاهُوتِ بِجَسَدِ الْمَسِيحِ فَيَعْبُدُونَهَا كَمَا عَبَدَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحَ إلَّا أَنَّهُمْ أَكْفَرُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ؛ وَهُمْ أَحَقُّ بِالشِّرْكِ مِنْ النَّصَارَى؛ فَإِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ مَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ اللَّهِ وَلَيْسَ هُوَ إيَّاهُ وَلَا صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ وَالنَّصَارَى يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مَا يَعْبُدُونَ إلَّا مَا اتَّحَدَ بِاَللَّهِ لَا لِمَا وَلَدَهُ مِنْ الْمَعْلُولَاتِ. ثُمَّ مَنْ عَبَدَ الْمَلَائِكَةَ وَالْكَوَاكِبَ وَأَرْوَاحَ الْبَشَرِ وَأَجْسَادَهُمْ: اتَّخَذَ الْأَصْنَامَ عَلَى صُوَرِهِمْ وَطَبَائِعِهِمْ؛ فَكَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ أَسْبَابِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ. وَلِهَذَا كَانَ الْخَلِيلُ إمَامُ الْحُنَفَاءِ: مُخَاطِبًا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَبَدُوا الْكَوَاكِبَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَاَلَّذِينَ عَبَدُوا الْأَصْنَامَ مَعَ إشْرَاكِهِمْ وَاعْتِرَافِهِمْ بِأَصْلِ الْجَمِيعِ. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ قِصَّتَهُمْ فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَأُولَئِكَ هُمْ الصَّابِئُونَ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ مَلَكَهُمْ نمروذ. وَعُلَمَاؤُهُمْ الْفَلَاسِفَةُ مِنْ الْيُونَانِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ الَّذِينَ كَانُوا بِأَرْضِ الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ وَالْعِرَاقِ وَغَيْرِهَا وَجَزَائِرِ الْبَحْرِ قَبْلَ النَّصَارَى وَكَانُوا بِهَذِهِ الْبِلَادِ فِي أَيَّامِ بَنِي إسْرَائِيلَ وَهُمْ الَّذِينَ كَانُوا يُقَاتِلُونَ بَنِي إسْرَائِيلَ فَيَغْلِبُونَ تَارَةً وَيُغْلَبُونَ تَارَةً وسنحاريب وبختنصر وَنَحْوُهُمَا: هُمْ مُلُوكُ الصَّابِئَةِ بَعْدَ الْخَلِيلِ. والنمروذ الَّذِي كَانَ فِي زَمَانِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute