مُطْلَقًا بَلْ أُمِرَ بِهِ إنْ كَانَ هَذَا مَوْجُودًا وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ بِشَرْطِ عُدِمَ عِنْدَ عَدَمِهِ. وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} وَفِي قَوْلِهِ {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} وَنَحْوِ ذَلِكَ: إنَّ الْخِطَابَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَادَ بِهِ غَيْرُهُ. أَيْ غَيْرُهُ قَدْ يَكُونُ مُمْتَرِيًا وَمُطِيعًا لِأُولَئِكَ فَنُهِيَ وَهُوَ لَا يَكُونُ مُمْتَرِيًا وَلَا مُطِيعًا لَهُمْ. وَلَكِنْ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَهُوَ أَيْضًا مُخَاطَبٌ بِهَذَا وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ هَذَا. فَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ نَهَاهُ عَمَّا حَرَّمَهُ مِنْ الشِّرْكِ وَالْقَوْلِ عَلَيْهِ بِلَا عِلْمٍ وَالظُّلْمِ وَالْفَوَاحِشِ. وَبِنَهْيِ اللَّهِ لَهُ عَنْ ذَلِكَ وَطَاعَتِهِ لِلَّهِ فِي هَذَا اسْتَحَقَّ عَظِيمَ الثَّوَابِ وَلَوْلَا النَّهْيُ وَالطَّاعَةُ لَمَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ. وَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ الْمَنْهِيُّ مِمَّنْ يُشَكُّ فِي طَاعَتِهِ وَيَجُوزُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْصِيَ الرَّبَّ أَوْ يَعْصِيَهُ مُطْلَقًا وَلَا يُطِيعَهُ. بَلْ اللَّهُ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ يُطِيعُونَهُ وَيَأْمُرُ الْأَنْبِيَاءَ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ يُطِيعُونَهُ وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُونَ كُلُّ مَا أَطَاعُوهُ فِيهِ قَدْ أَمَرَهُمْ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ يُطِيعُونَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute