للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا يُقَالُ: لَا يَحْتَاجُ إلَى الْأَمْرِ بَلْ بِالْأَمْرِ صَارَ مُطِيعًا مُسْتَحِقًّا لِعَظِيمِ الثَّوَابِ. وَلَكِنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي قُدْرَتَهُ عَلَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَأَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَفَعَلَهُ لِيُثَابَ عَلَى ذَلِكَ إذَا تَرَكَهُ. وَقَدْ يَقْتَضِي قِيَامَ السَّبَبِ الدَّاعِي إلَى فِعْلِهِ فَيُنْهَى عَنْهُ فَإِنَّهُ بِالنَّهْيِ وَإِعَانَةِ اللَّهِ لَهُ عَلَى الِامْتِثَالِ يَمْتَنِعُ مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ إذَا قَامَ السَّبَبُ الدَّاعِي لَهُ إلَيْهِ. وَكَذَلِكَ قَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ {سَلْ بَنِي إسْرَائِيلَ} إنَّهُ أَمْرٌ لِلرَّسُولِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُوَ وَالْمُؤْمِنُونَ؛ وَقِيلَ هُوَ أَمْرٌ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ. فَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ {اقْرَأْ} كَقَوْلِهِ فِي آخِرِهَا {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} وَقَوْلِهِ {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} هَذَا مُتَنَاوِلٌ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ. وَقَوْلُهُ {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} {قُمِ اللَّيْلَ إلَّا قَلِيلًا} فَإِنَّهُ كَانَ خِطَابًا لِلْمُؤْمِنِينَ كُلِّهِمْ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} {قُمْ فَأَنْذِرْ} لَمَّا أُمِرَ بِتَبْلِيغِ مَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ الْإِنْذَارِ. وَهَذَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ. فَوَاجِبٌ عَلَى الْأُمَّةِ أَنْ يُبَلِّغُوا مَا أُنْزِلَ إلَيْهِ وَيُنْذِرُوا كَمَا أَنْذَرَ. قَالَ تَعَالَى {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إذَا رَجَعُوا إلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ