للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ يَكُونُ فِي السُّفْلِ لَا فِي الْعُلْوِ وَهُوَ سُفُولٌ يَلِيقُ بِجَلَالِهِ. فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى لَا يَكُونُ قَطُّ إلَّا عَالِيًا وَالسُّفُولُ نَقْصٌ هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ " وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَك شَيْءٌ " لَا يَقْتَضِي السُّفُولَ إلَّا عِنْدَ جَاهِلٍ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ الْعُلُوِّ وَالسُّفُولِ فَيَظُنُّ أَنَّ السَّمَوَاتِ وَمَا فِيهَا قَدْ تَكُونُ تَحْتَ الْأَرْضِ إمَّا بِاللَّيْلِ وَإِمَّا بِالنَّهَارِ. وَهَذَا غَلَطٌ كَمَنْ يَظُنُّ أَنَّ مَا فِي السَّمَاءِ مِنْ الْمَشْرِقِ يَكُونُ تَحْتَ مَا فِيهَا مِمَّا فِي الْمَغْرِبِ. فَهَذَا أَيْضًا غَلَطٌ. بَلْ السَّمَاءُ لَا تَكُونُ قَطُّ إلَّا عَالِيَةً عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْفُلْكُ مُسْتَدِيرًا مُحِيطًا بِالْأَرْضِ فَهُوَ الْعَالِي عَلَى الْأَرْضِ عُلُوًّا حَقِيقِيًّا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوَاضِعَ. وَالنَّوْعُ الثَّانِي: أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يُمَاثِلَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ فَالْأَلْفَاظُ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فِي الْإِثْبَاتِ تُثْبِتُ وَاَلَّتِي جَاءَتْ بِالنَّفْيِ تَنْفِي. وَالْأَلْفَاظُ الْمُجْمَلَةُ كَلَفْظِ " الْحَرَكَةِ " و " النُّزُولِ " و " الِانْتِقَالِ " يَجِبُ أَنْ يُقَالَ فِيهَا: إنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ مُمَاثَلَةِ الْمَخْلُوقِينَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَا يُمَاثِلُ الْمَخْلُوقَ لَا فِي نُزُولٍ وَلَا فِي حَرَكَةٍ وَلَا انْتِقَالٍ وَلَا زَوَالٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ. وَأَمَّا إثْبَاتُ هَذَا الْجِنْسِ كَلَفْظِ " النُّزُولِ " أَوْ نَفْيُهُ