للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَقَوْلِهِ {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} {إلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} الْآيَةَ وَقَدْ قِيلَ: أَنْزَلَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ وَبِك. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطبري فِي آيَةِ النِّسَاءِ: أَنْزَلَهُ إلَيْك بِعِلْمِ مِنْهُ أَنَّك خِيرَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ. وَذَكَرَ الزَّجَّاجُ فِي آيَةِ هُودٍ قَوْلَيْنِ أَحَدِهِمَا: أَنْزَلَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِإِنْزَالِهِ وَعَالِمٌ أَنَّهُ حَقٌّ مِنْ عِنْدِهِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَنْزَلَهُ بِمَا أَخْبَرَ فِيهِ مِنْ الْغُيُوبِ وَدَلَّ عَلَى مَا سَيَكُونُ وَمَا سَلَفَ. (قُلْت: هَذَا الْوَجْهُ هُوَ الَّذِي تُقَدَّمُ. وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ ابْنِ جَرِيرٍ. فَإِنَّهُ عَالِمٌ بِهِ وَبِمَنْ أَنْزَلَ إلَيْهِ وَعَالِمٌ بِأَنَّهُ حَقٌّ وَأَنَّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ أَهْلٌ لِمَا اصْطَفَاهُ اللَّهُ لَهُ وَيَكُونُ هَذَا كَقَوْلِهِ {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} وَقَوْلِ مَنْ قَالَ {إنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} أَيْ عَلَى عِلْمٍ مِنْ اللَّهِ بِاسْتِحْقَاقِي. (قُلْت وَهَذَا الْوَجْهُ يَدْخُلُ فِي مَعْنَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ إذَا نَزَلَ الْكَلَامُ بِعِلْمِ الرَّبِّ تَضَمَّنَ أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ فَهُوَ مِنْ عِلْمِهِ وَفِيهِ الْإِخْبَارُ بِحَالِهِ وَحَالِ الرَّسُولِ. وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الصَّوَابُ. وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ.