للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَبْعَثُ إلَيْهِمْ رَسُولًا مُنْذِرًا تَقُومُ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ وَتَتِمُّ عَلَى مَنْ آمَنَ النِّعْمَةَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَا كَانُوا [ل] (١) يُتْرَكُوا سُدًى. قَالَ: وَلِهَذَا الْمَعْنَى نَظَائِرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ. وَقَدْ ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ. لَكِنَّ الثَّالِثَ حَكَاهُ عَمَّنْ جَعَلَ مَقْصُودَهُ إهْلَاكَهُمْ بِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ وَجَعَلَ " مُنْفَكِّينَ " بِمَعْنَى هَالِكِينَ. فَقَالَ: لَمْ يَكُونُوا مُنْفَكِّينَ مُنْتَهِينَ عَنْ كُفْرِهِمْ وَشِرْكِهِمْ. وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: زَائِلِينَ. تَقُولُ الْعَرَبُ: مَا انْفَكَّ فُلَانٌ يَفْعَلُ كَذَا أَيْ مَا زَالَ. وَأَصْلُ الْفَكِّ: الْفَتْحُ وَمِنْهُ فَكُّ الْكِتَابِ وَفَكُّ الْخَلْخَالِ. {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} الْحُجَّةُ الْوَاضِحَةُ وَهُوَ مُحَمَّدٌ أَتَاهُمْ بِالْقُرْآنِ فَبَيَّنَ ضَلَالَتَهُمْ وَجَهَالَتَهُمْ. وَدَعَاهُمْ إلَى الْإِيمَانِ. قَالَ وَقَالَ ابْنُ كيسان: مَعْنَاهُ لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ تَارِكِينَ صِفَةَ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِمْ حَتَّى بُعِثَ فَلَمَّا بُعِثَ تَفَرَّقُوا فِيهِ. وَقَالَ: قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ إلَى قَوْلِهِ: {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} حُكْمُهَا فِيمَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ. {وَمَا تَفَرَّقَ} حُكْمُهُ فِيمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ.


(١) ما بين معقوفتين غير موجود في المطبوع، ولم أقف عليه في كتاب صيانة مجموع الفتاوى من السقط والتصحيف

أسامة بن الزهراء - منسق الكتاب للموسوعة الشاملة