وَالْمُشْرِكِينَ} . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يَعْرِفُونَ نُبُوَّتَهُ وَيُقِرُّونَ بِهِ وَيَذْكُرُونَهُ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ لَمْ يَكُونُوا كُلَّهُمْ كُفَّارًا. بَلْ كَانَ الْإِيمَانُ أَغْلَبَ عَلَيْهِمْ. يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ تَفَرُّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ فَإِنَّهُ يَعُمُّهُمْ فَيَقُولُ: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} . وَأَنَّهُ لَا يَقُولُ: كَانَ الْكُفَّارُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مُتَّفِقِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ. وَأَيْضًا فَاسْتِعْمَالُ لَفْظِ " الِانْفِكَاكِ " فِي هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ لَهُ شَاهِدٌ. فَتَسْمِيَةُ الِافْتِرَاقِ وَالِاخْتِلَافِ " انْفِكَاكًا " غَيْرُ مَعْرُوفٍ. وَأَيْضًا فَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ ل {مُنْفَكِّينَ} خَبَرًا كَمَا يُقَالُ: مَا انْفَكُّوا يَذْكُرُونَ مُحَمَّدًا وَمَا زَالُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَهَذِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَخَوَاتِ " كَانَ " لَا يُقَالُ فِيهَا " مَا كُنْت مُنْفَكًّا " بَلْ يُقَالُ " مَا انْفَكَكْت أَفْعَلُ كَذَا " فَهُوَ يَلِي حَرْفَ " مَا ". وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِانْفِكَاكَ عَنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً. وَأَيْضًا فَهَذَا الْمَعْنَى مَذْكُورٌ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute