للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ. فَلَمْ يَكُونُوا مَعْذُورِينَ فِي ذَلِكَ. وَلِهَذَا نُهِيَتْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ فَقِيلَ {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} . وَالنَّاسُ الَّذِينَ بُعِثَ إلَيْهِمْ مُحَمَّدٌ هُمْ كَذَلِكَ. فَمَنْ كَانَ كَافِرًا لَمْ يَكُنْ مُنْفَكًّا حَتَّى تَأْتِيَهُ الْبَيِّنَةُ وَمَنْ آمَنَ بِمُحَمَّدِ مِنْ الْأُمَمِ ثُمَّ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا فَمَا اخْتَلَفُوا إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ. وَمَا أُمِرَ الْجَمِيعُ {إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} . وَالْآيَةُ تَضَمَّنَتْ مَدْحَ الرَّبِّ وَذِكْرَ حِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ وَحُجَّتِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَدْعُهُمْ حَتَّى يُرْسِلَ إلَيْهِمْ رَسُولًا كَمَا قَالَ لِأَهْلِ الْكِتَابِ {قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} الْآيَةَ. لَمْ تَتَضَمَّنْ مَدْحَهُمْ عَلَى بَقَائِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى يَأْتِيَ الرَّسُولُ. فَإِنَّ هَذَا غَايَتُهُ أَنْ لَا يُعَاقَبُوا عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ الرَّسُولُ لَا أَنْ يُحْمَدُوا عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ الرَّسُولُ. فَإِنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ لَا سِيَّمَا وَأَهْلُ الْكِتَابِ قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّةُ بِأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ.