فِيهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ نَالَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَا فَعَلَهُ مِنْ الْمَأْمُورِ وَإِلَى اللَّهِ إيَابُ الْخَلْقِ وَعَلَيْهِ حِسَابُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِحَالِهِمْ: أَيْ بِأَحْوَالِ عِبَادِهِ فَإِنَّ شَفَاعَتَهُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِهِ وَالْمُحْسِنُ إنَّمَا أَحْسَنَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ لَهُ وَالْمُسِيءُ لَا حُجَّةَ لَهُ وَلَا عُذْرَ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْكَوْثَرَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ مِنْ الْخَيْرِ الْكَثِيرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهَذَا غَيْرُ مَا يُعْطِيهِ اللَّهُ مِنْ الْأَجْرِ الَّذِي هُوَ مِثْلُ أُجُورِ أُمَّتِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَكُلُّ مَنْ قَرَأَ أَوْ عَلِمَ أَوْ عَمِلَ صَالِحًا أَوْ عَلَّمَ غَيْرَهُ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ حَجَّ أَوْ جَاهَدَ أَوْ رَابَطَ أَوْ تَابَ أَوْ صَبَرَ أَوْ تَوَكَّلَ أَوْ نَالَ مَقَامًا مِنْ الْمَقَامَاتِ الْقَلْبِيَّةِ مِنْ خَشْيَةٍ وَخَوْفٍ وَمَعْرِفَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ ذَلِكَ الْعَامِلِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْعِبَادَتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ وَهُمَا الصَّلَاةُ وَالنُّسُكُ الدَّالَّتَانِ عَلَى الْقُرْبِ وَالتَّوَاضُعِ وَالِافْتِقَارِ وَحُسْنِ الظَّنِّ وَقُوَّةِ الْيَقِينِ وَطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ إلَى اللَّهِ وَإِلَى عُدَّتِهِ وَأَمْرِهِ وَفَضْلِهِ وَخُلْفِهِ عَكْسُ حَالِ أَهْلِ الْكِبْرِ وَالنُّفْرَةِ وَأَهْلِ الْغِنَى عَنْ اللَّهِ الَّذِينَ لَا حَاجَةَ فِي صَلَاتِهِمْ إلَى رَبِّهِمْ يَسْأَلُونَهُ إيَّاهَا وَاَلَّذِينَ لَا يَنْحَرُونَ لَهُ خَوْفًا مِنْ الْفَقْرِ وَتَرْكًا لِإِعَانَةِ الْفُقَرَاءِ وَإِعْطَائِهِمْ وَسُوءِ الظَّنِّ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ وَلِهَذَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا. فِي قَوْله تَعَالَى {قُلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute