أَحْسَنُ مِنْ الْقَصَصِ الَّتِي لَمْ تُقَصَّ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ يَظْلِمُونَ وَيَحْسُدُونَ وَيَدْعُونَ إلَى الْفَاحِشَةِ وَيُبْتَلَوْنَ بِالْمُلْكِ لَكِنْ لَيْسَ مَنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ مِمَّنْ اتَّقَى اللَّهَ وَصَبَرَ مِثْلَ يُوسُفَ وَلَا فِيهِمْ مَنْ كَانَتْ عَاقِبَتُهُ أَحْسَنَ الْعَوَاقِبِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِثْلَ يُوسُفَ. وَهَذَا كَمَا أَنَّ قِصَّةَ أَهْلِ الْكَهْفِ وَقِصَّةَ ذِي الْقَرْنَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا هِيَ فِي جِنْسِهَا أَحْسَنُ مِنْ غَيْرِهَا. فَقِصَّةُ ذِي الْقَرْنَيْنِ أَحْسَنُ قَصَصِ الْمُلُوكِ وَقِصَّةُ أَهْلِ الْكَهْفِ أَحْسَنُ قَصَصِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا قَصَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ أَحْسَنُ مِمَّا لَمْ يَقُصُّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ قِصَّةَ يُوسُفَ أَحْسَنُ مَا قُصَّ فِي الْقُرْآنِ. وَأَيْنَ مَا جَرَى لِيُوسُفَ مِمَّا جَرَى لِمُوسَى وَنُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الرُّسُلِ وَأَيْنَ مَا عُودِيَ أُولَئِكَ مِمَّا عُودِيَ فِيهِ يُوسُفُ وَأَيْنَ فَضْلُ أُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَعُلُوُّ دَرَجَتِهِمْ مِنْ يُوسُفَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ؟ وَأَيْنَ نَصْرُ أُولَئِكَ مِنْ نَصْرِ يُوسُفَ؟ فَإِنَّ يُوسُفَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} وَأَذَلَّ اللَّهُ الَّذِينَ ظَلَمُوهُ ثُمَّ تَابُوا فَكَانَ فِيهَا مِنْ الْعِبْرَةِ أَنَّ الْمَظْلُومَ الْمَحْسُودَ إذَا صَبَرَ وَاتَّقَى اللَّهَ كَانَتْ لَهُ الْعَاقِبَةُ وَأَنَّ الظَّالِمَ الْحَاسِدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute