الْمُنْكَرِ؟ فَهَذَا الصَّبْرُ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إذْ كَانَ الْجِهَادُ مَقْصُودًا بِهِ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَأَنَّ الدِّينَ كُلَّهُ لِلَّهِ فَالْجِهَادُ وَالصَّبْرُ فِيهِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَد وَالتِّرْمِذِي وَصَحَّحَهُ وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الطَّوِيلِ - وَهُوَ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ - فَالصَّبْرُ عَلَى تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ صَبْرُ الْمُهَاجِرِ الَّذِي هَجَرَ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَصَبْرُ الْمُجَاهِدِ الَّذِي جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي اللَّهِ وَجَاهَدَ عَدُوَّ اللَّهِ الظَّاهِرَ وَالْبَاطِنَ وَالْمُهَاجِرُ الصَّابِرُ عَلَى تَرْكِ الذَّنْبِ إنَّمَا جَاهَدَ نَفْسَهُ وَشَيْطَانَهُ ثُمَّ يُجَاهِدُ عَدُوَّ اللَّهِ الظَّاهِرَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَصَبْرُ الْمَظْلُومِ صَبْرُ الْمُصَابِ. لَكِنَّ الْمُصَابَ بِمُصِيبَةٍ سَمَاوِيَّةٍ تَصْبِرُ نَفْسُهُ مَا لَا تَصْبِرُ نَفْسُ مَنْ ظَلَمَهُ النَّاسُ فَإِنَّ ذَاكَ يَسْتَشْعِرُ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِهِ هَذَا فَتَيْأَسُ نَفْسُهُ مِنْ الدَّفْعِ وَالْمُعَاقَبَةِ وَأَخْذِ الثَّأْرِ بِخِلَافِ الْمَظْلُومِ الَّذِي ظَلَمَهُ النَّاسُ فَإِنَّ نَفْسَهُ تَسْتَشْعِرُ أَنَّ ظَالِمَهُ يُمْكِنُ دَفْعُهُ وَعُقُوبَتُهُ وَأَخْذُ ثَأْرِهِ مِنْهُ فَالصَّبْرُ عَلَى هَذِهِ الْمُصِيبَةِ أَفْضَلُ وَأَعْظَمُ كَصَبْرِ يُوسُفَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ وَهَذَا يَكُونُ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ ذَلِكَ فَيَصْبِرُ عَلَى ذَلِكَ كَالْمَصَائِبِ السَّمَاوِيَّةِ وَيَكُونُ أَيْضًا لِيَنَالَ ثَوَابَ الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute