النَّاسِ وَاَللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَلِيُسْلِمَ قَلْبَهُ مِنْ الْغِلِّ لِلنَّاسِ وَكِلَا النَّوْعَيْنِ يَشْتَرِكُ فِي أَنَّ صَاحِبَهُ يَسْتَشْعِرُ أَنَّ ذَلِكَ بِذُنُوبِهِ وَهُوَ مِمَّا يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ وَيَسْتَغْفِرُ وَيَتُوبُ وَأَيْضًا فَيَرَى أَنَّ ذَلِكَ الصَّبْرَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْجَزَعَ مِمَّا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ. وَإِنْ ارْتَقَى إلَى الرِّضَا رَأَى أَنَّ الرِّضَا جَنَّةُ الدُّنْيَا وَمُسْتَرَاحُ الْعَابِدِينَ وَبَابُ اللَّهِ الْأَعْظَمِ. وَإِنْ رَأَى ذَلِكَ نِعْمَةً لِمَا فِيهِ مِنْ صَلَاحِ قَلْبِهِ وَدِينِهِ وَقُرْبِهِ إلَى اللَّهِ وَتَكْفِيرَ سَيِّئَاتِهِ وَصَوْنَهُ عَنْ ذُنُوبٍ تَدْعُوهُ إلَيْهَا شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ شَكَرَ اللَّهَ عَلَى هَذِهِ النِّعَمِ. فَالْمَصَائِبُ السَّمَاوِيَّةُ وَالْآدَمِيَّةُ تَشْتَرِكُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَمَعْرِفَةُ النَّاسِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ وَعِلْمُهُمْ بِهَا هُوَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ يَمُنُّ بِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ؛ وَلِهَذَا كَانَتْ أَحْوَالُ النَّاسِ فِي الْمَصَائِبِ وَغَيْرِهَا مُتَبَايِنَةً تَبَايُنًا عَظِيمًا. ثُمَّ إذَا شَهِدَ الْعَبْدُ الْقَدَرَ وَأَنَّ هَذَا أَمْرٌ قَدَّرَهُ اللَّهُ وَقَضَاهُ وَهُوَ الْخَالِقُ لَهُ فَهُوَ مَعَ الصَّبْرِ يُسَلِّمُ لِلرَّبِّ الْقَادِرِ الْمَالِكِ الَّذِي يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَهَذَا حَالُ الصَّابِرِ وَقَدْ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَهُ لِلرَّبِّ الْمُحْسِنِ الْمُدَبِّرِ لَهُ بِحُسْنِ اخْتِيَارِهِ الَّذِي {لَا يَقْضِي لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ: إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ} كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ صهيب عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا تَسْلِيمُ رَاضٍ لِعِلْمِهِ بِحُسْنِ اخْتِيَارِ اللَّهِ لَهُ وَهَذَا يُورِثُ الشُّكْرَ. وَقَدْ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَهُ لِلرَّبِّ الْمُحْسِنِ إلَيْهِ الْمُتَفَضِّلِ عَلَيْهِ بِنِعَمِ عَظِيمَةٍ. وَإِنْ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute