للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَسَّانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهَ يَقُولُ: سَأَلْت أَبَا الْعَبَّاسِ ابْنَ سُرَيْجٍ قُلْت: مَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ} ؟ قَالَ: إنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: فَثُلُثٌ أَحْكَامٌ وَثُلُثٌ وَعْدٌ وَوَعِيدٌ وَثُلُثٌ أَسْمَاءٌ وَصَفَاتٌ. وَقَدْ جُمِعَ فِي ( {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ) أَحَدُ الْأَثْلَاثِ وَهُوَ الصِّفَاتُ فَقِيلَ إنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ. الْوَجْهُ الثَّانِي - مِنْ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ - أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ هِيَ مَعْرِفَةُ ذَاتِهِ وَمَعْرِفَةُ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَمَعْرِفَةُ أَفْعَالِهِ فَهَذِهِ السُّورَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى مَعْرِفَةِ ذَاتِهِ إذْ لَا يُوجَدُ شَيْءٌ إلَّا وُجِدَ مِنْ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ. فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ كُفْءٌ وَلَا لَهُ مَثَلٌ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: ذَكَرَهُ بَعْضُ فُقَهَاءِ السَّلَفِ. قَالَ: وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنَّ الْمَعْنَى: مَنْ عَمِلَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالتَّوْحِيدِ وَالْإِذْعَانِ لِلْخَالِقِ كَانَ كَمَنْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: مَنْ قَرَأَهَا فَلَهُ أَجْرُ ثُلُثِ الْقُرْآنِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشَرُ حَسَنَاتٍ} . قُلْت: كِلَا الْوَجْهَيْنِ ضَعِيفٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَيَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ أَنْ نَقُولَ الْقُرْآنَ لَيْسَ