للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُلُّهُ هُوَ الْمَعْرِفَةُ الْمَذْكُورَةُ بَلْ فِيهِ أَمْرٌ بِالْأَعْمَالِ الْوَاجِبَةِ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْعِبَادِ الْمَعْرِفَةُ الْوَاجِبَةُ وَالْعَمَلُ الْوَاجِبُ وَالْأُمَّةُ كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى وُجُوبِ الْأَعْمَالِ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ نَازَعُوا فِي كَوْنِ الْأَعْمَالِ مِنْ الْإِيمَانِ فَلَمْ يُنَازِعُوا فِي أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَغَيْرَهَا مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَحَرَّمَ الْفَوَاحِشَ: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَقُدِّرَ أَنَّ سُورَةً مِنْ السُّورِ تَضَمَّنَتْ ثُلُثَ الْمَعْرِفَةِ لَمْ يَكُنْ هَذَا ثُلُثَ الْقُرْآنِ. الثَّانِي أَنْ يُقَالَ: قَوْلُ الْقَائِلِ مَعْرِفَةُ ذَاتِهِ وَمَعْرِفَةُ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَمَعْرِفَةُ أَفْعَالِهِ إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ ذَاتَه تُعْرَفُ بِدُونِ مَعْرِفَةِ شَيْءٍ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ الثُّبُوتِيَّةِ وَالسَّلْبِيَّةِ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ وَلَوْ قَدَّرَ إمْكَانَ ذَلِكَ أَوْ فَرَضَ الْعَبْدُ فِي نَفْسِهِ ذَاتًا مُجَرَّدَةً عَنْ جَمِيعِ الْقُيُودِ السَّلْبِيَّةِ وَالثُّبُوتِيَّةِ فَلَيْسَ ذَاكَ مَعْرِفَتُهُ بِاَللَّهِ أَلْبَتَّةَ وَلَا هُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ذَاتٌ مُجَرَّدَةٌ عَنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلْبِيٍّ أَوْ ثُبُوتِيٍّ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْعُقَلَاءِ هَذَا إلَّا الْقَرَامِطَةَ الْبَاطِنِيَّةَ يَقُولُونَ: يُسْلَبُ عَنْهُ كُلُّ أَمْرٍ ثُبُوتِيٍّ وَعَدَمِيٍّ فَلَا يُقَالُ مَوْجُودٌ وَلَا مَعْدُومٌ وَلَا عَالِمٌ وَلَا لَيْسَ بِعَالِمِ وَلَا قَادِرٌ وَلَا لَيْسَ بِقَادِرِ وَلَا نَحْوِ ذَلِكَ وَهَؤُلَاءِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُمْ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ فَإِنَّهُمْ