للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فِيهَا وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَنَصَرْنَاهُ؛ لَكِنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ هُوَ الصَّوَابُ بِلَا رَيْبٍ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّ اللَّهَ جَزَّأَ الْقُرْآنَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ. فَجَعَلَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ الْقُرْآنِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَجْمُوعَ الْقُرْآنِ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ لَيْسَ هُوَ سِتَّةٌ: ثَلَاثَةُ أُصُولٍ وَثَلَاثَةُ فُرُوعٍ. وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ أَنَّ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ لَمْ يَقُلْ ثُلُثَ الْمُهِمِّ مِنْهُ وَلَا ثُلُثَ أَكْثَرِهِ وَلَا أُصُولَهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو حَامِدٍ هُوَ سِتَّةٌ: ثَلَاثَةٌ مُهِمَّةٌ وَثَلَاثَةٌ تَوَابِعُ وَالسُّورَةُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الْمُهِمَّةِ وَهَذَا خِلَافُ الْحَدِيثِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ تَقْسِيمَ الْقُرْآنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ تَقْسِيمُ بِالدَّلِيلِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامٌ وَالْكَلَامُ إمَّا إخْبَارٌ وَإِمَّا إنْشَاءٌ وَالْإِخْبَارُ إمَّا عَنْ الْخَالِقِ وَإِمَّا عَنْ الْمَخْلُوقِ فَهَذَا تَقْسِيمٌ بَيِّنٌ. وَأَمَّا جَعْلُ عِلْمِ الْفِقْهِ خَارِجًا عَنْ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَجَعْلُ عِلْمِ الْأَدِلَّةِ وَالْحِجَجِ خَارِجًا عَنْ الْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَهَذَا مَرْدُودٌ عِنْدَ جَمَاهِيرَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ. وَأَبُو حَامِدٍ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا لِأَنَّهُ يَقُولُ إنَّمَا يُعْرَفُ مَعَانِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّصْفِيَةِ فَقَطْ لَا بِطْرِيقِ الْخَبَرِ النَّبَوِيِّ وَلَا بِطْرِيقِ النَّظَرِ الِاسْتِدْلَالِيِّ