للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" وَالثَّانِي " أَنَّهُ وَاحِدٌ وَالْوَاحِدُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَفَاضُلٌ وَلَا تَمَاثُلٌ. وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ وَاحِدٌ بِالْعَيْنِ وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّهُ وَاحِدٌ بِالْعَيْنِ مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ مَعَ ذَلِكَ حُرُوفًا أَوْ حُرُوفًا وَأَصْوَاتًا قَدِيمَةَ الْأَعْيَانِ وَيَقُولُ: هُوَ مَعَ ذَلِكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ كَمَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ أَخَذُوا عَنْ الْكُلَّابِيَة أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا إرَادَةٌ وَاحِدَةٌ وَعِلْمٌ وَاحِدٌ وَقُدْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَلَامٌ وَاحِدٌ وَأَنَّ الْقُرْآنَ قَدِيمٌ. وَأَخَذُوا عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ مُجَرَّدُ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ وَالْتَزَمُوا أَنَّ الْحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ قَدِيمَةُ الْأَعْيَانِ مَعَ أَنَّهَا مُتَرَتِّبَةٌ فِي نَفْسِهَا تَرَتُّبًا ذَاتِيًّا فِي الْوُجُودِ أَزَلِيَّةً لَمْ يَزَلْ بَعْضُهَا مُقَارِنًا لِبَعْضِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ ذَاتِ الشَّيْءِ وَبَيْنَ وُجُودِهِ فِي الْخَارِجِ مُوَافَقَةً لِمَنْ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِهِ وَأَنَّهُ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ لَا يَقُولُونَ إنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ بَلْ يَجْعَلُونَهُ مُتَعَدِّدًا مَعَ قِدَمِ الْقُرْآنِ وَقِدَمِ أَعْيَانِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لِمَنْ يَقُولُ إنَّهُ وَاحِدٌ بِالْعَيْنِ: أَنَّ الْقَدِيمَ هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ لَا يَتَعَدَّدُ وَلَا يَتَبَعَّضُ كَمَا قَدْ بَيَّنَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ. وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَنْسُوبُ إلَى ابْنِ كُلَّابٍ وَالْأَشْعَرِيِّ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَوَّلُ مَنْ عُرِفَ أَنَّهُ قَالَهُ فِي الْإِسْلَامِ ابْنُ كُلَّابٍ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ وَلَا غَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ كَثْرَةِ مَا تَكَلَّمَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعَ أَنَّهُ مِنْ أَعْظَمَ وَأَهَمِّ أُمُورِ الدِّينِ الَّذِي تَتَوَفَّرُ