للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْهِمَمُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَذِكْرِهِ وَمَعَ تَوَاتُرِ نَصِّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَآثَارِ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْقَوْلِ. وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ مِمَّا يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَآثَارُ السَّلَفِ عَلَى خِلَافِهِ. وكل مِنْهَا مِمَّا اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ الَّذِينَ يَتَصَوَّرُونَهُ عَلَى أَنَّ فَسَادَهُ مَعْلُومٌ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ وَيَجُوزُ اتِّفَاقُ طَائِفَةٍ مِنْ الْعُقَلَاءِ عَلَى قَوْلٍ يُعْلَمُ فَسَادُهُ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ إذَا كَانَ عَنْ تَوَاطُؤٍ كَمَا يَجُوزُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ تَوَاطُؤًا وَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ. فَالْمَذْهَبُ الَّذِي تَقَلَّدَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ بَعْضٍ - كَقَوْلِ النَّصَارَى وَالرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّة وَالدَّهْرِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ - يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَا يُعْلَمُ فَسَادُهُ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُقَلَاءِ قَالُوهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَأَمَّا أَنْ يَقُولُوهُ مِنْ غَيْرِ تَوَاطُؤٍ فَهَذَا لَا يَقَعُ وَأَكْثَرُ الْمُتَقَلِّدِينَ لِلْأَقْوَالِ الْفَاسِدَةِ لَا يَتَصَوَّرُونَهَا تَصَوُّرًا تَامًّا حَتَّى يَكُونَ تَصَوُّرُهَا التَّامُّ مُوجِبًا لِلْعِلْمِ بِفَسَادِهَا. ثُمَّ إذَا اُشْتُهِرَ الْقَوْلُ عِنْدَ طَائِفَةٍ لَمْ يَعْلَمُوا غَيْرَهُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ ظَنُّوا أَنَّهُ قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ.

وَلَمَّا كَانَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ لَا يَقُولُونَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ صَارَ كُلُّ مَنْ رَأَى طَائِفَةً تُنْكِرُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ يَظُنُّ أَنَّ كُلَّ مَا قَالَتْهُ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ قَوْلُ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ السُّنَّةِ - وَاَلَّذِينَ قَالُوا إنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بَلْ قَائِمٌ بِذَاتِ اللَّهِ وَوَافَقُوا


(١) هكذا بالمطبوعة