فَأَخْبَرَ أَنَّهَا أَفْضَلُ الْكَلَامِ بَعْدَ الْقُرْآنِ مَعَ كَوْنِهَا مِنْ الْقُرْآنِ فَفَضَّلَ نَفْسَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ بَعْدَ الْقُرْآنِ عَلَى سِوَاهَا وَكَذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ {أَنَّهُ سُئِلَ: أَيُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ مَا اصْطَفَى اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ} . وَفِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ {أَفْضَلُ مَا قُلْت أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إلَّا إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فَأَخْبَرَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ أَفْضَلُ مَا قَالَهُ هُوَ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِهِ. وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: {أَفْضَلُ الذَّكَرِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ} وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ {الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ - أَوْ وَسَبْعُونَ - شُعْبَةً أَعْلَاهَا قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ} . وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي النُّصُوصِ يُفَضِّلُ الْعَمَلَ عَلَى الْعَمَلِ وَالْقَوْلَ عَلَى الْقَوْلِ. وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ فَضْلُ ثَوَابِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. أَمَّا تَفْضِيلُ الثَّوَابِ بِدُونِ تَفْضِيلِ نَفْسِ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ فَلَمْ يَرِدْ بِهِ نَقْلٌ وَلَا يَقْتَضِيهِ عَقْلٌ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْقَوْلَانِ مُتَمَاثِلَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ الْعَمَلَانِ مُتَمَاثِلَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَانَ جَعَلَ ثَوَابَ أَحَدِهِمَا أَعْظَمَ مِنْ ثَوَابِ الْآخَرِ تَرْجِيحًا لِأَحَدِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجَّحٍ. وَهَذَا أَصْلُ قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَهْمِيَّة الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ الْقَادِرَ يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ بِلَا مُرَجِّحٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ بِهَذَا الْأَصْلِ يَنْصُرُونَ الْإِسْلَامَ فَلَا لِلْإِسْلَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute