للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَصَرُوا وَلَا لِعَدُوِّهِ كَسَرُوا بَلْ تَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا بِالتَّبْدِيعِ وَالتَّضْلِيلِ وَالتَّكْفِيرِ وَالتَّجْهِيلِ وَتَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ خُصُومُهُمْ الدَّهْرِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ بِإِلْزَامِهِمْ مُخَالَفَةَ الْمَعْقُولِ وَجَعَلُوا ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى الزِّيَادَةِ فِي مُخَالَفَةِ الْمَشْرُوعِ وَالْمَعْقُولِ كَمَا جَرَى لِلْمُلْحِدِينَ مَعَ الْمُبْتَدِعِينَ. وَأَيْضًا فَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّهُ لَيْسَ بَعْضُ ذَلِكَ خَيْرًا مِنْ بَعْضٍ بَلْ بَعْضُهُ أَكْثَرُ ثَوَابًا؛ رَدٌّ لِخَبَرِ اللَّهِ الصَّرِيحِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} فَكَيْفَ يُقَالُ لَيْسَ بَعْضُهُ خَيْرًا مِنْ بَعْضٍ؟ وَإِذَا كَانَ الْجَمِيعُ مُتَمَاثِلًا فِي نَفْسِهِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ خَيْرًا مِنْ شَيْءٍ. وَكَوْنُ مَعْنَى الْخَيْرِ أَكْثَرَ ثَوَابًا مَعَ كَوْنِهِ مُتَمَاثِلًا فِي نَفْسِهِ أَمْرٌ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا؛ فَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ قَطُّ أَنْ يُقَالَ هَذَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا وَأَفْضَلُ مِنْ هَذَا مَعَ تَسَاوِي الذَّاتَيْنِ بِصِفَاتِهِمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ لَا بُدَّ - مَعَ إطْلَاقِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ - مِنْ التَّفَاضُلِ وَلَوْ بِبَعْضِ الصِّفَاتِ فَأَمَّا إذَا قُدِّرَ أَنَّ مُخْتَارًا جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا مَعَ التَّمَاثُلِ مَا لَيْسَ لِلْآخَرِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا بِصِفَاتِهِمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَهَذَا لَا يَعْقِلُ وُجُودَهُ وَلَوْ عَقَلَ لَمْ يَقُلْ إنَّ هَذَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَلُ لِأَمْرِ لَا يَتَّصِفُ بِهِ أَحَدُهُمَا أَلْبَتَّةَ. وَأَيْضًا فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْفَاتِحَةِ: {لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الْقُرْآنِ مِثْلُهَا} فَقَدْ صَرَّحَ الرَّسُولُ