{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} فَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ سَيِّئٌ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ الْحُكْمُ بِهِ مُسَاوِيًا لِلْحُكْمِ بِالتَّفَاضُلِ. ثُمَّ قَالَ: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ لِيَجْزِيَ كُلَّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَأَنَّهُ لَا يَظْلِمُ أَحَدًا فَيَنْقُصُ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئًا بَلْ كَمَا قَالَ: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} . وَقَدْ نَزَّهَ نَفْسَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَنْ يَظْلِمَ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ فَلَا يُؤْتِيهِ أَجْرَهُ أَوْ يَحْمِلُ عَلَيْهِ ذَنْبَ غَيْرِهِ فَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} وَقَالَ تَعَالَى: {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} وَقَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ} {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْإِلَهِيِّ {يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا} . وَمَا تَزْعُمُهُ الْقَدَرِيَّةُ مِنْ أَنَّ تَفْضِيلَ بَعْضِ عِبَادِهِ عَلَى بَعْضٍ بِفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ مِنْ بَابِ الظُّلْمِ جَهْلٌ مِنْهُمْ وَكَذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ الَّتِي جَرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute