وَعَدَمُ إيمَانِكُمْ عَلَامَةٌ عَلَى الْعَذَابِ. وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ بِالْإِيمَانِ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُؤْمِنُ مَعْنَاهُ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُثِيبَك وَالْإِيمَانُ عَلَامَةٌ. وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ يَنْفِي الْقِيَاسَ فِي الشَّرْعِ وَالتَّعْلِيلَ لِلْأَحْكَامِ وَمَنْ أَثْبَتَ الْقِيَاسَ مِنْهُمْ لَمْ يَجْعَلْ الْعِلَلَ إلَّا مُجَرَّدَ عَلَامَاتٍ. ثُمَّ إنَّهُ مَعَ هَذَا قَدْ عَلِمَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى الْعِلَّةِ؟ وَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ عَلَامَةً عَلَى الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا تُطْلَبُ عِلَّتُهُ بَعْدَ أَنْ يُعْلَمَ ثُبُوتُ الْجَحِيمِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْعَلَامَةِ. وَأَمَّا الْفَرْعُ فَلَا يَكُونُ عِلَّةً لَهُ حَتَّى يَكُونَ عِلَّةً لِلْأَصْلِ وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ الْعِلَلَ الْمُنَاسِبَةَ وَيَقُولُ: الْمُنَاسَبَةُ لَيْسَتْ طَرِيقًا لِمَعْرِفَةِ الْعِلَلِ وَهُمْ أَكْثَرُ أَصْحَابِ هَذَا الْقَوْلِ. وَمَنْ قَالَ بِالْمُنَاسَبَةِ مِنْ مُتَأَخَّرِيهِمْ يَقُولُ إنَّهُ قَدْ اعْتَبَرَ فِي الشَّرْعِ اعْتِبَارَ الْمُنَاسِبِ فَيَسْتَدِلُّ بِمُجَرَّدِ الِاقْتِرَانِ لَا لِأَنَّ الشَّارِعَ حَكَمَ بِمَا حَكَمَ بِهِ لِتَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ الْمَطْلُوبَةِ بِالْحُكْمِ وَلَا لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ أَصْلًا فَإِنَّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي خَلْقِهِ وَلَا أَمْرِهِ لَامُ كَيْ. فَجَهْمٌ - رَأْسُ الْجَبْرِيَّةِ - وَأَتْبَاعُهُ فِي طَرَفٍ وَالْقَدَرِيَّةُ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ. وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَأَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ كَالْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ وَغَيْرِهِمْ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالْمُتَكَلِّمِين فِي أُصُولِ الدِّينِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ فَيُقِرُّونَ بِالْقَدَرِ وَيُقِرُّونَ بِالشَّرْعِ وَيُقِرُّونَ بِالْحِكْمَةِ لِلَّهِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ - لَكِنْ قَدْ يَعْرِفُ أَحَدُهُمْ الْحِكْمَةَ وَقَدْ لَا يَعْرِفُهَا -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute