وَيُقِرُّونَ بِمَا جَعَلَهُ مِنْ الْأَسْبَابِ وَمَا فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ مِنْ الْمَصَالِحِ الَّتِي جَعَلَهَا رَحْمَةً بِعِبَادِهِ مَعَ أَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ: أَفْعَالُ الْعِبَادِ وَغَيْرُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ. وَأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَأَنَّ كُلَّ مَا وَقَعَ مِنْ خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ فَعَدْلٌ وَحِكْمَةٌ سَوَاءٌ عَرَفَ الْعَبْدُ وَجْهَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ. وَالْحِكْمَةُ النَّاشِئَةُ مِنْ الْأَمْرِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ فِي نَفْسِ الْفِعْلِ - وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ - كَمَا فِي الصِّدْقِ وَالْعَدْلِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمَصَالِحِ الْحَاصِلَةِ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وَاَللَّهُ يَأْمُرُ بِالصَّلَاحِ وَيَنْهَى عَنْ الْفَسَادِ. وَالنَّوْعُ الثَّانِي: أَنَّ مَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ صَارَ مُتَّصِفًا بِحُسْنِ اكْتَسَبَهُ مِنْ الْأَمْرِ وَقُبْحٍ اكْتَسَبَهُ مِنْ النَّهْيِ كَالْخَمْرِ الَّتِي كَانَتْ لَمْ تُحَرَّمُ ثُمَّ حُرِّمَتْ فَصَارَتْ خَبِيثَةً وَالصَّلَاةُ إلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي كَانَتْ حَسَنَةً فَلَمَّا نَهَى عَنْهَا صَارَتْ قَبِيحَةً. فَإِنَّ مَا أَمَرَ بِهِ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَمَا نَهَى عَنْهُ يُبْغِضُهُ وَيَسْخَطُهُ. وَهُوَ إذَا أَحَبَّ عَبْدًا وَوَالَاهُ أَعْطَاهُ مِنْ الصِّفَاتِ الْحَسَنَةِ مَا يَمْتَازُ بِهَا عَلَى مَنْ أَبْغَضَهُ وَعَادَاهُ. وَكَذَلِكَ الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ الَّذِي يُحِبُّهُ وَيُعَظِّمُهُ - كَالْكَعْبَةِ وَشَهْرِ رَمَضَانَ - يَخُصُّهُ بِصِفَاتِ يُمَيِّزُهُ بِهَا عَلَى مَا سِوَاهُ بِحَيْثُ يَحْصُلُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ مِنْ رَحْمَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute