فَهَذَا إذَا عَنَى بِهِ أَنَّ أَحَدَهُمَا تَكَلَّمَ بِهِ قَبْلَ الْآخَرِ لَمْ يَقُمْ عَلَى هَذَا دَلِيلٌ فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ وَإِنْ عَنَى بِهِ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْآخَرِ فِي الْعَقْلِ لِكَوْنِ هَذَا مُفْرَدًا وَهَذَا مُرَكَّبًا فَالْفِعْلُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْمَصْدَرِ وَالِاشْتِقَاقُ الْأَصْغَرُ اتِّفَاقُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْحُرُوفِ وَتَرْتِيبِهَا وَالْأَوْسَطُ اتِّفَاقُهُمَا فِي الْحُرُوفِ لَا فِي التَّرْتِيبِ وَالْأَكْبَرُ اتِّفَاقُهُمَا فِي أَعْيَانِ بَعْضِ الْحُرُوفِ وَفِي الْجِنْسِ لَا فِي الْبَاقِي كَاتِّفَاقِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ إذَا قِيلَ حَزَرَ وَعَزَّرَ وَأَزَرَ فَإِنَّ الْجَمِيعَ فِيهِ مَعْنَى الْقُوَّةِ وَالشِّدَّةِ وَقَدْ اشْتَرَكَتْ مَعَ الرَّاءِ وَالزَّايِ وَالْحَاءِ فِي أَنَّ الثَّلَاثَةَ حُرُوفٌ حَلْقِيَّةٌ وَعَلَى هَذَا فَإِذَا قِيلَ: الصَّمَدُ بِمَعْنَى الْمُصْمَتِ وَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّ الدَّالَ أُخْت التَّاءِ؛ فَإِنَّ الصَّمْتَ السُّكُوتُ وَهُوَ إمْسَاكٌ. وَإِطْبَاقٌ لِلْفَمِ عَنْ الْكَلَامِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْمُصْمَتُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ وَقَدْ أَصْمَتّه أَنَا وَبَابٌ مُصْمَتٌ قَدْ أُبْهِمَ إغْلَاقُهُ. وَالْمُصْمَتُ مِنْ الْخَيْلِ الْبَهِيمُ أَيْ لَا يُخَالِطُ لَوْنَهُ لَوْنٌ آخَرُ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّمَا حُرِّمَ مِنْ الْحَرِيرِ الْمُصْمَتُ فَالْمُصْمَدُ وَالْمُصْمَتُ مُتَّفِقَانِ فِي الِاشْتِقَاقِ الْأَكْبَرِ وَلَيْسَتْ الدَّالُ مُنْقَلِبَةً عَنْ التَّاءِ بَلْ الدَّالُ أَقْوَى وَالْمُصْمَدُ أَكْمَلُ فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْمُصْمَتِ وَكُلَّمَا قَوِيَ الْحِرَفُ كَانَ مَعْنَاهُ أَقْوَى فَإِنَّ لُغَةَ الرَّبِّ فِي غَايَةِ الْإِحْكَامِ وَالتَّنَاسُبِ وَلِهَذَا كَانَ الصَّمْتُ إمْسَاكٌ عَنْ الْكَلَامِ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute