للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إمْكَانِهِ وَالْإِنْسَانُ أَجْوَفُ يُخْرِجُ الْكَلَامَ مِنْ فِيهِ لَكِنَّهُ قَدْ يَصْمُتُ بِخِلَافِ الصَّمَدِ فَإِنَّهُ إنَّمَا اُسْتُعْمِلَ فِيمَا لَا تَفَرُّقَ فِيهِ كَالصَّمَدِ وَالسَّيِّدِ وَالصَّمَدُ مِنْ الْأَرْضِ وَصِمَادُ الْقَارُورَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمُتَنَاسِبَةِ أَكْمَلُ مِنْ أَلْفَاظِ الصَّمَدِ فَإِنَّ فِيهِ الصَّادَ وَالْمِيمَ وَالدَّالَ وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ الثَّلَاثَةِ لَهَا مَزِيَّةَ عَلَى مَا يُنَاسِبُهَا مِنْ الْحُرُوفِ وَالْمَعَانِي الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِمِثْلِ هَذِهِ الْحُرُوفِ أَكْمَلَ. وَمِمَّا يُنَاسِبُ هَذِهِ الْمَعَانِي مَعْنَى " الصَّبْرِ " فَإِنَّ الصَّبْرَ فِيهِ جَمْعٌ وَإِمْسَاكٌ وَلِهَذَا قِيلَ: الصَّبْرُ حَبْسُ النَّفْسِ عَنْ الْجَزَعِ يُقَالُ صَبَرَ وَصَبَّرْته أَنَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} وَكَذَلِكَ مَعْنَى السَّيِّدِ الصَّمَدُ خِلَافُ مَعْنَى الْجَزُوعِ الْمُنَوَّعِ وَمِنْهُ الصُّبْرَةُ مِنْ الطَّعَامِ فَإِنَّهَا مُجْتَمِعَةٌ مُكَوَّمَةٌ والصبارة الْحِجَارَةُ وَصَبْرُ الشَّيْءِ غِلَظُهُ وَضِدُّهُ الْجَزَعُ وَفِيهِ مَعْنَى التَّقَطُّعِ وَالتَّفَرُّقِ يُقَالُ جَزَعَ لَهُ جِزْعَةً مِنْ الْمَالِ أَيْ قَطَعَ لَهُ قِطْعَةً وَالْجُزَيْعَةُ: الْقِطْعَةُ مِنْ الْغَنَمِ واجتزعت مِنْ الشَّجَرِ عُودًا أَيْ اقْتَطَعْته واكتسرته وَجَزَعْت الْوَادِيَ إذَا قَطَعْته عَرْضًا وَالْجَزْعُ مُنْعَطَف الْوَادِي وَمِنْهُ الْجَزْعُ وَهُوَ الْخَرَزُ الْيَمَانِيُّ الَّذِي فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ وَكَذَلِكَ جَزَّعَ الْبُسْرَ تَجْزِيعًا إذَا أَرْطَبَ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثَاهُ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِمْ مُصْمَتٌ لِلَّوْنِ الْوَاحِدِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الِاجْتِمَاعِ وَفِي هَذَا مِنْ التَّفَرُّقِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} {إذَا مَسَّهُ الشَّرُّ