الِاعْتِبَارِ وَمِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ مِنْ أَصْلَيْنِ بِانْقِلَابِ الْمَادَّةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا إذَا الْتَقَيَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَادَّةٌ فَتَنْقَلِبُ وَذَلِكَ لِقُوَّةِ حَكِّ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْصِ أَجْزَائِهَا وَهَذَا مِثْلُ تَوَلُّدِ النَّارِ بَيْنَ الزِّنَادَيْنِ إذَا قُدِحَ الْحَجَرُ بِالْحَدِيدِ أَوْ الشَّجَرُ بِالشَّجَرِ كَالْمَرْخِ وَالْعِفَارِ فَإِنَّهُ بِقُوَّةِ الْحَرَكَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ قَدْحِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ يَسْتَحِيلُ بَعْضُ أَجْزَائِهِمَا وَيَسْخَنُ الْهَوَاءُ الَّذِي بَيْنَهُمَا فَيَصِيرُ نَارًا وَالزَّنْدَانِ كُلَّمَا قُدِحَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ نَقَصَتْ أَجْزَاؤُهُمَا بِقُوَّةِ الْحَكِّ فَهَذِهِ النَّارُ اسْتَحَالَتْ عَنْ الْهَوَاءِ وَتِلْكَ الْأَجْزَاءُ بِسَبَبِ قَدْحِ أَحَدِ الزَّنْدَيْنِ بِالْآخَرِ. وَكَذَلِكَ النُّورُ الَّذِي يَحْصُلُ بِسَبَبِ انْعِكَاسِ الشُّعَاعِ عَلَى مَا يُقَابِلُ الْمُضِيءَ كَالشَّمْسِ وَالنَّارِ فَإِنَّ لَفْظَ النُّورِ وَالضَّوْءِ يُقَالُ تَارَةً عَلَى الْجِسْمِ الْقَائِمِ بِنَفْسِهِ: كَالنَّارِ الَّتِي فِي رَأْسِ الْمِصْبَاحِ وَهَذِهِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِمَادَّةٍ تَنْقَلِبُ نَارًا كَالْحَطَبِ وَالدُّهْنِ وَيَسْتَحِيلُ الْهَوَاءُ أَيْضًا نَارًا وَلَا يَنْقَلِبُ الْهَوَاءُ أَيْضًا نَارًا إلَّا بِنَقْصِ الْمَادَّةِ الَّتِي اشْتَعَلَتْ أَوْ نَقْصِ الزَّنْدَيْنِ وَتَارَةً يُرَادُ بِلَفْظِ النُّور وَالضَّوْء وَالشُّعَاع: الشُّعَاعُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى الْأَرْضِ وَالْحِيطَانِ مِنْ الشَّمْسِ أَوْ مِنْ النَّارِ فَهَذَا عَرَضٌ لَيْسَ بِجِسْمٍ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ يَقُومُ بِهِ يَكُونُ قَابِلًا لَهُ فَلَا بُدَّ فِي الشُّعَاعِ مِنْ جِسْمٍ مُضِيءٍ وَلَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ يُقَابِلُهُ حَتَّى يَنْعَكِسَ عَلَيْهِ الشُّعَاعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute