للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ قُلْتُمْ إنَّ عِلْمَ الرَّبِّ كَذَلِكَ لَزِمَ أَنْ يَصِيرَ عَالِمًا بِالْأَشْيَاءِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهَا وَأَنْ تَصِيرَ ذَاتُهُ مُتَكَلِّمَةً بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ كُفْرٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأُمَمِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ فَهُوَ بَاطِلٌ فِي صَرِيحِ الْعَقْلِ فَإِنَّ الذَّاتَ الَّتِي لَا تَكُونُ عَالِمَةً يَمْتَنِعُ أَنْ تَجْعَلَ نَفْسَهَا عَالِمَةً بِلَا أَحَدٍ يُعَلِّمُهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّمًا مِنْ خَلْقِهِ وَكَذَلِكَ الذَّاتُ الَّتِي تَكُونُ عَاجِزَةً عَنْ الْكَلَامِ يَمْتَنِعُ أَنْ تَصِيرَ قَادِرَةً عَلَيْهِ بِلَا أَحَدٍ يَجْعَلُهَا قَادِرَةً وَالْوَاحِدُ مِنْهَا لَا يُوَلِّدُ جَمِيعَ عُلُومِهِ بَلْ ثَمَّ عُلُومٌ خُلِقَتْ فِيهِ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهَا فَإِذَا نَظَرَ فِيهَا حَصَلَتْ لَهُ عُلُومٌ أُخْرَى. فَلَا يَقُولُ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ: إنَّ الْإِنْسَانَ يُوَلِّدُ عُلُومَهُ كُلَّهَا وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ: إنَّهُ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مُتَكَلِّمَةً بَعْد أَنْ لَمْ تَكُنْ مُتَكَلِّمَةً بَلْ الَّذِي يُقَدِّرُهُ عَلَى النُّطْقِ هُوَ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ. فَإِنْ قَالُوا: إنَّ الرَّبَّ يُوَلِّدُ بَعْضَ عِلْمِهِ وَبَعْضَ كَلَامِهِ دُونَ بَعْضٍ: بَطَلَ تَسْمِيَةُ الْعِلْمِ - الَّذِي هُوَ الْكَلِمَةُ مُطْلَقًا - الِابْنَ وَصَارَ لَفْظُ الِابْنِ إنَّمَا يُسَمَّى بِهِ بَعْضُ عِلْمِهِ أَوْ بَعْضُ كَلَامِهِ وَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ الْمَسِيحَ هُوَ الْكَلِمَةُ وَهُوَ أُقْنُومُ الْعِلْمِ مُطْلَقًا وَذَلِكَ لَيْسَ مُتَوَلِّدًا عَنْهُ كُلِّهِ وَلَا يُسَمَّى كُلَّهُ ابْنًا بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ. وَثَالِثُهَا أَنْ يُقَالَ: تَسْمِيَةُ عِلْمِ الْعَالِمِ وَكَلَامِهِ وَلَدًا لَهُ لَا يُعْرَفُ فِي شَيْءٍ مِنْ اللُّغَاتِ الْمَشْهُورَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ بِالْعَقْلِ فَإِنَّ عِلْمَهُ وَكَلَامَهُ كَقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ فَإِنْ