للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَازَ هَذَا جَازَ تَسْمِيَةُ صِفَاتِ الْإِنْسَانِ كُلِّهَا الْحَادِثَةِ مُتَوَلِّدَاتٍ عَنْهُ لَهُ وَتَسْمِيَتُهَا أَبْنَاءَهُ وَمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْقَدَرِيَّةِ. إنَّ الْعِلْمَ الْحَاصِلَ بِالنَّظَرِ مُتَوَلِّدٌ عَنْهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ إنَّ الشِّبَعَ وَالرِّيَّ مُتَوَلِّدٌ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لَا يَقُولُ إنَّ الْعِلْمَ ابْنُهُ وَوَلَدُهُ كَمَا لَا يَقُولُ إنَّ الشِّبَعَ وَالرِّيَّ ابْنُهُ وَلَا وَلَدَهُ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ تَوَلُّدِ الْأَعْرَاضِ وَالْمَعَانِي الْقَائِمَةِ بِالْإِنْسَانِ وَتِلْكَ لَا يُقَالُ إنَّهَا أَوْلَادُهُ وَأَبْنَاؤُهُ. وَمَنْ اسْتَعَارَ فَقَالَ بُنَيَّاتُ فِكْرِهِ فَهُوَ كَمَا يُقَالُ بُنَيَّاتُ الطَّرِيقِ وَيُقَالُ ابْنُ السَّبِيلِ وَيُقَالُ لِطَيْرِ الْمَاءِ ابْنُ مَاءٍ وَهَذِهِ تَسْمِيَةٌ مُقَيَّدَةٌ قَدْ عُرِفَ أَنَّهَا لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَا هُوَ الْمَعْقُولُ مِنْ الْأَبِ وَالِابْنِ وَالْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَأَيْضًا فَكَلَامُ الْأَنْبِيَاءِ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ تَسْمِيَةُ شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ ابْنًا فَمَنْ حَمَلَ شَيْئًا مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ وَهَذَا مِمَّا يُقِرُّ بِهِ عُلَمَاءُ النَّصَارَى وَمَا وُجِدَ عِنْدَهُمْ مِنْ لَفْظِ الِابْنِ فِي حَقِّ الْمَسِيحِ وَإِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمَا فَهُوَ اسْمٌ لِلْمَخْلُوقِ لَا لِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الْخَالِقِ وَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ مُكَرَّمٌ مُعْظَمٌ. وَرَابِعُهَا: أَنْ يُقَالَ فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فَاَلَّذِي حَصَلَ لِلْمَسِيحِ إنْ كَانَ هُوَ مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ إيَّاهُ مِنْ عِلْمِهِ وَكَلَامِهِ فَهَذَا مَوْجُودٌ لِسَائِرِ النَّبِيِّينَ فَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِ بِكَوْنِهِ ابْنَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَنَّ الْعِلْمَ وَالْكَلَامَ إلَهٌ اتَّحَدَ بِهِ فَيَكُونُ الْعِلْمُ وَالْكَلَامُ جَوْهَرًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَبَ فَيَكُونُ الْمَسِيحُ هُوَ الْأَبَ وَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ وَالْكَلَامُ جَوْهَرًا آخَرَ فَيَكُونُ إلَهَانِ قَائِمَانِ