للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَمَنَّى كِتَابَ اللَّهِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ … وَآخِرَهَا لَاقَى حَمَامَ المقادر

وَالْأُمِّيُّونَ نِسْبَةً إلَى الْأُمَّة قَالَ بَعْضُهُمْ إلَى الْأُمَّةِ وَمَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ فَمَعْنَى الْأُمِّيِّ الْعَامِّيُّ الَّذِي لَا تَمْيِيزَ لَهُ وَقَدْ قَالَ الزَّجَّاجُ هُوَ عَلَى خُلُقِ الْأُمَّةِ الَّتِي لَمْ تَتَعَلَّمْ فَهُوَ عَلَى جِبِلَّتِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ نِسْبَةً إلَى الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ كَانَتْ فِي الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَلِأَنَّهُ عَلَى مَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ نِسْبَةً إلَى الْأُمَّةِ كَمَا يُقَالُ عَامِّيٌّ نِسْبَةً إلَى الْعَامَّةِ الَّتِي لَمْ تَتَمَيَّزْ عَنْ الْعَامَّةِ بِمَا تَمْتَازُ بِهِ الْخَاصَّةُ وَكَذَلِكَ هَذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ الْأُمَّةِ بِمَا يَمْتَازُ بِهِ الْخَاصَّةُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَيُقَالُ الْأُمِّيُّ لِمَنْ لَا يَقْرَأُ وَلَا يَكْتُبُ كِتَابًا ثُمَّ يُقَالُ لِمَنْ لَيْسَ لَهُمْ كِتَابٌ مُنَزَّلٌ مِنْ اللَّهِ يَقْرَءُونَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكْتُبُ وَيَقْرَأُ مَا لَمْ يُنَزَّلْ؛ وَبِهَذَا الْمَعْنَى كَانَ الْعَرَبُ كُلُّهُمْ أُمِّيِّينَ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ كِتَابٌ مُنَزَّلٌ مِنْ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا} وَقَالَ: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} وَقَدْ كَانَ فِي الْعَرَبِ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَكْتُبُ وَيَقْرَأُ الْمَكْتُوبَ وَكُلُّهُمْ أُمِّيُّونَ. فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَبْقَوْا أُمِّيِّينَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا مِنْ حِفْظِهِمْ بَلْ هُمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ مِنْ حِفْظِهِمْ وَأَنَاجِيلُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ لَكِنْ بَقُوا أُمِّيِّينَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى كِتَابَةِ دِينِهِمْ بَلْ قُرْآنُهُمْ مَحْفُوظٌ فِي قُلُوبِهِمْ