كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ} قَدْ اشْتَرَكُوا فِيهَا كُلُّهُمْ فَلَا يُخَصُّ بِالذَّمِّ الْأُمِّيُّونَ مِنْهُمْ وَلَيْسَ لِكَوْنِهِمْ أُمِّيِّينَ مَدْخَلٌ فِي الذَّمِّ بِهَذِهِ وَلَا لِنَفْيِ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ مَدْخَلٌ فِي الذَّمِّ بِهَذِهِ؛ بَلْ الذَّمُّ بِهَذِهِ مِمَّا يُعْلِمُ أَنَّهَا بَاطِلٌ أَعْظَمُ مِنْ ذَمِّ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا بَاطِلٌ؛ وَلِهَذَا لَمَّا ذَمَّ اللَّهُ بِهَا عَمَّمَ وَلَمْ يَخُصَّ فَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ} الْآيَةُ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: {وَإِنْ هُمْ إلَّا يَظُنُّونَ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ ذَمَّهُمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُمْ إلَّا الظَّنُّ وَهَذَا حَالُ الْجَاهِلِ بِمَعَانِي الْكِتَابِ لَا حَالُ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَكْذِبُ فَظَهَرَ أَنَّ هَذَا الصِّنْفَ لَيْسَ هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ الْكَذِبَ وَالْبَاطِلَ وَلَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَقِيلَ لَا يَقُولُونَ إلَّا أَمَانِيَّ لَمْ يَقُلْ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ بَلْ ذَلِكَ الصِّنْفُ هُمْ الَّذِينَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَهُمْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَ الْكِتَابِ وَهُمْ يُحَرِّفُونَ لَفْظَهُ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ وَيَكْذِبُونَ فِي لَفْظِهِمْ وَخَطِّهِمْ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute