وَقَدِمَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمَّا فَتَحَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَبَعْدَ فَتْحِ الشَّامِ لَمَّا صَالَحَ النَّصَارَى عَلَى الْجِزْيَةِ وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ الشُّرُوطَ الْمَعْرُوفَةَ وَقَدِمَهَا مَرَّةً ثَالِثَةً حَتَّى وَصَلَ إلَى سرغ وَمَعَهُ أَكَابِرُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَلَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَى مَغَارَةِ الْخَلِيلِ وَلَا غَيْرِهَا مِنْ آثَارِ الْأَنْبِيَاءِ الَّتِي بِالشَّامِ لَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلَا بِدِمَشْقَ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ مِثْلَ الْآثَارِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بِجَبَلِ قاسيون فِي غَرْبِيِّهِ الرَّبْوَةُ الْمُضَافَةُ إلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِي شَرْقِيِّهِ الْمَقَامُ الْمُضَافُ إلَى الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِي وَسَطِهِ وَأَعْلَاهُ مَغَارَةُ الدَّمِ الْمُضَافَةُ إلَى هَابِيلَ لَمَّا قَتَلَهُ قَابِيلُ فَهَذِهِ الْبِقَاعُ وَأَمْثَالُهَا لَمْ يَكُنْ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ يَقْصِدُونَهَا وَلَا يَزُورُونَهَا وَلَا يَرْجُونَ مِنْهَا بَرَكَةً فَإِنَّهَا مَحَلُّ الشِّرْكِ. وَلِهَذَا تُوجَدُ فِيهَا الشَّيَاطِينُ كَثِيرًا وَقَدْ رَآهُمْ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ الْإِنْسِ وَيَقُولُونَ لَهُمْ رِجَالُ الْغَيْبِ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ رِجَالٌ مِنْ الْإِنْسِ غَائِبِينَ عَنْ الْأَبْصَارِ وَإِنَّمَا هُمْ جِنُّ وَالْجِنُّ يُسَمَّوْنَ رِجَالًا. كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} وَالْإِنْسُ سُمُّوا إنْسًا لِأَنَّهُمْ يُؤْنَسُونَ أَيْ يُرَوْنَ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنِّي آنَسْتُ نَارًا} أَيْ رَأَيْتهَا وَالْجِنُّ سُمُّوا جِنًّا لِاجْتِنَانِهِمْ يَجْتَنُّونَ عَنْ الْأَبْصَارِ أَيْ يَسْتَتِرُونَ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ} أَيْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ فَغَطَّاهُ وَسَتَرَهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْإِنْسِ يَسْتَتِرُ دَائِمًا عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute