للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبْصَارِ الْإِنْسِ وَإِنَّمَا يَقَعُ هَذَا لِبَعْضِ الْإِنْسِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ: تَارَةً عَلَى وَجْهِ الْكَرَامَةِ لَهُ وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ بَابِ السِّحْرِ وَعَمَلِ الشَّيَاطِينِ وَلِبَسْطِ الْكَلَامِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ هَذَا مَوْضِعٌ آخَرُ. وَالْمَقْصُودُ هَاهُنَا: أَنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ لَمْ يَبْنُوا قَطُّ عَلَى قَبْرِ نَبِيٍّ وَلَا رَجُلٍ صَالِحٍ مَسْجِدًا وَلَا جَعَلُوهُ مَشْهَدًا وَمَزَارًا وَلَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ آثَارِ الْأَنْبِيَاءِ مِثْلَ مَكَانٍ نَزَلَ فِيهِ أَوْ صَلَّى فِيهِ أَوْ فَعَلَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُونُوا يَقْصِدُونَ بِنَاءَ مَسْجِدٍ لِأَجْلِ آثَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَلَمْ يَكُنْ جُمْهُورُهُمْ يَقْصِدُونَ الصَّلَاةَ فِي مَكَانٍ لَمْ يَقْصِدْ الرَّسُولُ الصَّلَاةَ فِيهِ بَلْ نَزَلَ فِيهِ أَوْ صَلَّى فِيهِ اتِّفَاقًا بَلْ كَانَ أَئِمَّتُهُمْ كَعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ يَنْهَى عَنْ قَصْدِ الصَّلَاةِ فِي مَكَانٍ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتِّفَاقًا لَا قَصْدًا وَإِنَّمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ خَاصَّةً أَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّى أَنْ يَسِيرَ حَيْثُ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْزِلَ حَيْثُ نَزَلَ وَيُصَلِّيَ حَيْثُ صَلَّى وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْصِدْ تِلْكَ الْبُقْعَةَ لِذَلِكَ الْفِعْلِ بَلْ حَصَلَ اتِّفَاقًا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَجُلًا صَالِحًا شَدِيدَ الِاتِّبَاعِ فَرَأَى هَذَا مِنْ الِاتِّبَاعِ. وَأَمَّا أَبُوهُ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَسَائِرِ الْعَشْرَةِ وَغَيْرِهِمْ مِثْلَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وأبي بْنِ كَعْبٍ فَلَمْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَ مَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ أَصَحّ.