للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْبِلَادِ الْحَارَّةِ تَسْخَنُ الظَّوَاهِرُ فَتَكُونُ الْبَوَاطِنُ بَارِدَةً فَلَا يَنْهَضِمُ الطَّعَامُ فِيهَا كَمَا يَنْهَضِمُ فِي الشِّتَاءِ وَيَكُونُ الْمَاءُ النَّابِعُ بَارِدًا لِبُرُودَةِ بَاطِنِ الْأَرْضِ وَتَظْهَرُ الْحَيَوَانَاتُ إلَى الْبَرَارِي لِسُخُونَةِ الْهَوَاءِ فَهَؤُلَاءِ قَدْ لَا يَنْفَعُهُمْ الْفِصَادُ بَلْ قَدْ يَضُرُّهُمْ وَالْحِجَامَةُ أَنْفَعُ لَهُمْ. وَقَوْلُهُ: " شِفَاءُ أُمَّتِي " إشَارَةٌ إلَى مَنْ كَانَ حِينَئِذٍ مِنْ أُمَّتِهِ وَهُمْ كَانُوا بِالْحِجَازِ كَمَا قَالَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ قِبْلَةَ أُمَّتِهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ وَمَا حَوْلَهَا وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ فِي آخِرِ الْأَمْرِ بَعْدَ أَنْ فُرِضَ الْحَجُّ سَنَةَ تِسْعٍ أَوْ سَنَةَ عَشْرٍ وَقَّتَ ثَلَاثَ مَوَاقِيتَ لِلْمَدِينَةِ وَلِنَجْدٍ وَلِلشَّامِ وَلَمَّا فَتَحَ الْيَمَنَ وَقَّتَ لَهُمْ يلملم ثُمَّ وَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ ذِكْرًا وَأُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ هَذَا هُوَ الْفَرْضَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ الشَّعِيرَ وَالتَّمْرَ كَانَ قُوتَهُمْ وَلِهَذَا كَانَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ اقْتَاتَ الْأُرْزَ وَالذُّرَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ يُخْرِجُ مِنْ قُوتِهِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد وَهَلْ يَجْزِيهِ أَنْ يُخْرِجَ التَّمْرَ وَالشَّعِيرَ إذَا لَمْ يَكُنْ يَقْتَاتُهُ. فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ. وَكَانَ الصَّحَابَةُ يَرْمُونَ بِالْقَوْسِ الْعَرَبِيَّةِ الطَّوِيلَةِ الَّتِي تُشْبِهُ قَوْسَ النَّدْفِ وَفَتَحَ اللَّهُ لَهُمْ بِهَا الْبِلَادَ وَقَدْ رُوِيَتْ آثَارٌ فِي كَرَاهَةِ الرَّمْيِ بِالْقَوْسِ الْفَارِسِيَّةِ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ لِكَوْنِهَا كَانَتْ شِعَارَ الْكُفَّارِ فَأَمَّا بَعْدَ