للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِحَيِّ وَلَا مَيِّتٍ وَلَا سَمِيعٍ وَلَا بَصِيرٍ وَلَا مُتَكَلِّمٍ لَزِمَهُ أَنْ يَكُونَ مَيِّتًا أَصَمَّ أَعْمَى أَبْكَمَ. فَإِنْ قَالَ: الْعَمَى عَدَمُ الْبَصَرِ عَمَّا مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يَقْبَلَ الْبَصَرَ وَمَا لَمْ يَقْبَلْ الْبَصَرَ كَالْحَائِطِ لَا يُقَالُ لَهُ أَعْمَى وَلَا بَصِيرٌ قِيلَ لَهُ: هَذَا اصْطِلَاحٌ اصْطَلَحْتُمُوهُ وَإِلَّا فَمَا يُوصَفُ بِعَدَمِ الْحَيَاةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ: يُمْكِنُ وَصْفُهُ بِالْمَوْتِ وَالْعَمَى وَالْخَرَسِ وَالْعُجْمَةِ وَأَيْضًا فَكُلُّ مَوْجُودٍ يَقْبَلُ الِاتِّصَافَ بِهَذِهِ الْأُمُورِ وَنَقَائِضِهَا فَإِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى جَعْلِ الْجَمَادِ حَيًّا كَمَا جَعَلَ عَصَى مُوسَى حَيَّةً ابْتَلَعَتْ الْحِبَالَ وَالْعِصِيَّ وَأَيْضًا فَاَلَّذِي لَا يَقْبَلُ الِاتِّصَافَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ أَعْظَمُ نَقْصًا مِمَّنْ لَا يَقْبَلُ الِاتِّصَافَ بِهَا مَعَ اتِّصَافِهِ بِنَقَائِضِهَا. فَالْجَمَادُ الَّذِي لَا يُوصَفُ بِالْبَصَرِ وَلَا الْعَمَى وَلَا الْكَلَامِ وَلَا الْخَرَسِ: أَعْظَمُ نَقْصًا مِنْ الْحَيِّ الْأَعْمَى الْأَخْرَسِ فَإِذَا قِيلَ: إنَّ الْبَارِي لَا يُمْكِنُ اتِّصَافُهُ بِذَلِكَ: كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ وَصْفِهِ بِالنَّقْصِ أَعْظَمُ مِمَّا إذَا وُصِفَ بِالْخَرَسِ وَالْعَمَى وَالصَّمَمِ وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ مَعَ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ غَيْرَ قَابِلٍ لَهَا كَانَ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْجَمَادِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الِاتِّصَافَ بِوَاحِدِ مِنْهَا. وَهَذَا تَشْبِيهٌ بِالْجَمَادَاتِ؛ لَا بِالْحَيَوَانَاتِ، فَكَيْفَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّا يَزْعُمُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِالْحَيِّ