للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَسَاءَ اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ وَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَتَابَ مِنْهُ وَكَانَ كَأَبِيهِ آدَمَ الَّذِي قَالَ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} وَلَمْ يَكُنْ كإبليس الَّذِي قَالَ: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} {إلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} . وَلَمْ يَحْتَجَّ بِالْقَدَرِ عَلَى تَرْكِ مَأْمُورٍ وَلَا فِعْلِ مَحْظُورٍ؛ مَعَ إيمَانِهِ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَإِنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ وَأَنَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَأَنَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ أَطَاعُوا اللَّهَ فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَن إلَّا نَفْسَهُ} " وَلَكِنَّ بَسْطَ ذَلِكَ وَتَحْقِيقَ نِسْبَةِ الذَّنْبِ إلَى النَّفْسِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ فِيهِ أَسْرَارٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا وَمَعَ هَذَا فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِيَ كَمَا يَظُنُّهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ حَتَّى يُحَرِّفَ بَعْضُهُمْ الْقُرْآنَ وَيَقْرَأَ (فَمَنْ نَفْسُك؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَعْنَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ يُنَاقِضُ الْقِرَاءَةَ الْمُتَوَاتِرَةَ وَحَتَّى يُضْمِرَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلَ عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ