للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ الْحَقِّ فَيَجْعَلُ قَوْلَ اللَّهِ الصِّدْقَ الَّذِي يَحْمَدُ وَيَرْضَى قَوْلًا لِلْكُفَّارِ يُكَذِّبُ بِهِ وَيَذُمُّ وَيَسْخَطُ بِالْإِضْمَارِ الْبَاطِلِ الَّذِي يَدَّعِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي السِّيَاقِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. ثُمَّ إنَّ مِنْ جَهْلِ هَؤُلَاءِ ظَنَّهُمْ أَنَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ حُجَّةً لِلْقَدَرِيَّةِ وَاحْتِجَاجُ بَعْضِ الْقَدَرِيَّةِ بِهَا وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ فِي أَنَّ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِيَ سَوَاءٌ مِنْ جِهَةِ الْقَدَرِ. فَمَنْ قَالَ: إنَّ الْعَبْدَ هُوَ الْمُوجِدُ لِفِعْلِهِ دُونَ اللَّهِ؛ أَوْ هُوَ الْخَالِقُ لِفِعْلِهِ؛ وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ أَفْعَالَ الْعِبَادِ فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ. وَمَنْ أَثْبَتَ خَلْقَ الْأَفْعَالِ وَأَثْبَتَ الْجَبْرَ أَوْ نَفَاهُ؛ أَوْ أَمْسَكَ عَنْ نَفْيِهِ وَإِثْبَاتِهِ مُطْلَقًا؛ وَفَصَلَ الْمَعْنَى أَوْ لَمْ يَفْصِلْهُ: فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ إدْخَالَ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْقَدَرِ فِي غَايَةِ الْجَهَالَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ فِي الْآيَةِ الْمُرَادُ بِهَا المسار وَالْمَضَارُّ دُونَ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} وَهُوَ الشَّرُّ وَالْخَيْرُ فِي قَوْلِهِ: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} وقَوْله تَعَالَى {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} وقَوْله تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي