وَاجِبًا فِي الْحَجِّ لَيْسَ بِرُكْنِ وَلَمْ يَجْبُرْهُ بِالدَّمِ الَّذِي عَلَيْهِ لَمْ يَبْطُلْ حَجُّهُ وَلَا تَجِبُ إعَادَتُهُ فَهَكَذَا يَقُولُ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ: أَنَّ مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ الْإِيمَانِ الَّذِي لَا يُنَاقِضُ أُصُولَ الْإِيمَانِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَجْبُرَ إيمَانَهُ إمَّا بِالتَّوْبَةِ؛ وَإِمَّا بِالْحَسَنَاتِ الْمُكَفِّرَةِ. فَالْكَبَائِرُ يَتُوبُ مِنْهَا وَالصَّغَائِرُ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَحْبَطْ إيمَانُهُ جُمْلَةً. وَأَصْلُهُمْ أَنَّ الْإِيمَانَ يَتَبَعَّضُ فَيَذْهَبُ بَعْضُهُ وَيَبْقَى بَعْضُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ} وَلِهَذَا مَذْهَبُهُمْ أَنَّ الْإِيمَانَ يَتَفَاضَلُ وَيَتَبَعَّضُ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ. وَأَمَّا الَّذِينَ أَنْكَرُوا تَبَعُّضَهُ وَتَفَاضُلَهُ كَأَنَّهُمْ قَالُوا: مَتَى ذَهَبَ بَعْضُهُ ذَهَبَ سَائِرُهُ ثُمَّ انْقَسَمُوا قِسْمَيْنِ: فَقَالَتْ الْخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ: فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكُ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ الْإِيمَانِ فَإِذَا ذَهَبَ بَعْضُ ذَلِكَ ذَهَبَ الْإِيمَانُ كُلُّهُ فَلَا يَكُونُ مَعَ الْفَاسِقِ إيمَانٌ أَصْلًا بِحَالِ. ثُمَّ قَالَتْ الْخَوَارِجُ: هُوَ كَافِرٌ وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: لَيْسَ بِكَافِرِ وَلَا مُؤْمِنٍ. بَلْ هُوَ فَاسِقٌ نُنْزِلُهُ مَنْزِلَةً بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ فَخَالَفُوا الْخَوَارِجَ فِي الِاسْمِ وَوَافَقُوهُمْ فِي الْحُكْمِ وَقَالُوا: إنَّهُ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute