بِشَفَاعَةِ وَلَا غَيْرِهَا. وَالْحِزْبُ الثَّانِي وَافَقُوا أَهْلَ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ أَحَدٌ ثُمَّ ظَنُّوا أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ وُجُودِ كَمَالِ الْإِيمَانِ؛ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَتَبَعَّضُ فَقَالُوا: كُلُّ فَاسِقٍ فَهُوَ كَامِلُ الْإِيمَانِ وَإِيمَانُ الْخَلْقِ مُتَمَاثِلٌ لَا مُتَفَاضِلٌ وَإِنَّمَا التَّفَاضُلُ فِي غَيْرِ الْإِيمَانِ مِنْ الْأَعْمَالِ وَقَالُوا: الْأَعْمَالُ لَيْسَتْ مِنْ الْإِيمَانِ لِأَنَّ اللَّهَ فَرَّقَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ فِي كِتَابِهِ. ثُمَّ قَالَ الْفُقَهَاءُ الْمُعْتَبِرُونَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ: إنَّ الْإِيمَانَ هُوَ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ وَقَوْلُ اللِّسَانِ وَهَذَا الْمَنْقُولُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَمَنْ وَافَقَهُ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ وَقَالَ جَهْمٌ وَالصَّالِحِيَّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ كَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ: إنَّهُ مُجَرَّدُ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ.
وَفَصْلُ الْخِطَابِ فِي هَذَا الْبَابِ: أَنَّ اسْمَ الْإِيمَانِ قَدْ يُذْكَرُ مُجَرَّدًا؛ وَقَدْ يُذْكَرُ مَقْرُونًا بِالْعَمَلِ أَوْ بِالْإِسْلَامِ. فَإِذَا ذُكِرَ مُجَرَّدًا تَنَاوَلَ الْأَعْمَالَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: {الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَعْلَاهَا قَوْلُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ} وَفِيهِمَا أَنَّهُ قَالَ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: {آمُرُكُمْ بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ؟ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ} وَإِذَا ذَكَرَ مَعَ الْإِسْلَامِ - كَمَا فِي حَدِيثِ {جِبْرِيلَ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute