للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّ هَذَا خِلَافُ الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ مُقْتَتِلُونَ وَأَمَرَ إنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى أَنْ تُقَاتِلَ الَّتِي تَبْغِي فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَمَرَ بِقِتَالِ أَحَدِهِمَا ابْتِدَاءً ثُمَّ أَمَرَ إذَا فَاءَتْ إحْدَاهُمَا بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَقَالَ: {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} فَدَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى إيمَانِهِمْ وَأُخُوَّتِهِمْ مَعَ وُجُودِ الِاقْتِتَالِ وَالْبَغْيِ وَأَنَّهُ يَأْمُرُ بِقِتَالِ الْبَاغِيَةِ حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ. وَكَذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا نَاظَرَهُمْ وَأَقَرُّوا بِوُجُوبِ الرُّجُوعِ إلَى مَا نَقَلَهُ الصَّحَابَةُ عَنْ الرَّسُولِ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ بَيَّنَ لَهُمْ عُمَرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَى مَا نَقَلُوهُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَرِيضَةِ الرَّجْمِ وَنِصَابِ الزَّكَاةِ وَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ بَيْنٌ الْمُتَمَاثِلَيْنِ فَرَجَعُوا إلَى ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَاظَرَهُمْ لَمَّا أَنْكَرُوا تَحْكِيمَ الرِّجَالِ بِأَنَّ اللَّهَ قَالَ فِي الزَّوْجَيْنِ: إذَا خِيفَ شِقَاقُ بَيْنِهِمَا أَنْ يَبْعَثَ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا وَقَالَ: {إنْ يُرِيدَا إصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} وَأَمَرَ أَيْضًا أَنْ يَحْكُمَ فِي الصَّيْدِ بِجَزَاءِ مِثْلِ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ فَمَنْ أَنْكَرَ التَّحْكِيمَ مُطْلَقًا فَقَدْ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى وَذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ