التَّحْكِيمَ فِي أَمْرِ أَمِيرَيْنِ لِأَجْلِ دِمَاءِ الْأُمَّةِ أَوْلَى مِنْ التَّحْكِيمِ فِي أَمْرِ الزَّوْجَيْنِ؛ وَالتَّحْكِيمِ لِأَجْلِ دَمِ الصَّيْدِ. وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالِاعْتِبَارِ وَقِيَاسِ الْأَوْلَى وَهُوَ مِنْ الْمِيزَانِ فَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِمْ بِالْكِتَابِ وَالْمِيزَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} . أَمَرَ سُبْحَانَهُ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنَّا وَأَمَرَ إنْ تَنَازَعْنَا فِي شَيْءٍ أَنْ نَرُدَّهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا تَنَازَعَ الْمُؤْمِنُونَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ يُعْدَمُ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَتَنَازَعُوا لَمْ يَكُنْ هَذَا الْأَمْرُ ثَابِتًا وَكَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَتَنَازَعُوا كَانُوا عَلَى هُدًى وَطَاعَةٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَا يَحْتَاجُوا حِينَئِذٍ أَنْ يَأْمُرُوا بِمَا هُمْ فَاعِلُونَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ. وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَتَنَازَعُوا بَلْ اجْتَمَعُوا فَإِنَّهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ وَلَوْ كَانُوا قَدْ يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ لَكَانُوا حِينَئِذٍ أَوْلَى بِوُجُوبِ الرَّدِّ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْهُمْ إذَا تَنَازَعُوا فَقَدْ يَكُونُ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ مُطِيعًا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ. فَإِذَا كَانُوا مَأْمُورِينَ فِي هَذَا الْحَالِ بِالرَّدِّ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ لِيَرْجِعَ إلَى ذَلِكَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ - خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ - فَلَأَنْ يُؤْمَرُوا بِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute