للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَقَاوَةً لَا سَعَادَةَ مَعَهَا أَبَدًا فَلَا فَلَاحَ إلَّا بِاتِّبَاعِ الرَّسُولِ فَإِنَّ اللَّهَ خَصَّ بِالْفَلَاحِ أَتْبَاعَهُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْصَارَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أَيْ: لَا مُفْلِحَ إلَّا هُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فَخَصَّ هَؤُلَاءِ بِالْفَلَاحِ كَمَا خَصَّ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُونَ مِمَّا رَزَقَهُمْ وَيُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَى رَسُولِهِ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِهِ وَيُوقِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَبِالْهُدَى وَالْفَلَاحِ فَعَلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْهُدَى وَالْفَلَاحَ دَائِرٌ حَوْلَ رُبُعِ الرِّسَالَةِ وُجُودًا وَعَدَمًا. وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ مِنْ السَّمَاءِ وَبُعِثَ بِهِ جَمِيعُ الرُّسُلِ وَلِهَذَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا أَخْبَارَ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ لِلرُّسُلِ وَمَا صَارَتْ إلَيْهِ عَاقِبَتُهُمْ وَأَبْقَى آثَارَهُمْ وَدِيَارَهُمْ عِبْرَةً لِمَنْ بَعْدَهُمْ وَمَوْعِظَةً. وَكَذَلِكَ مَسَخَ مَنْ مَسَخَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ لِمُخَالَفَتِهِمْ لِأَنْبِيَائِهِمْ وَكَذَلِكَ مَنْ خَسَفَ بِهِ؛ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ مِنْ السَّمَاءِ وَأَغْرَقَهُ فِي الْيَمِّ؛ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ الصَّيْحَةَ وَأَخَذَهُ بِأَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِسَبَبِ مُخَالَفَتِهِمْ لِلرُّسُلِ وَإِعْرَاضِهِمْ عَمَّا جَاءُوا بِهِ وَاِتِّخَاذِهِمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ. وَهَذِهِ سُنَّتُهُ سُبْحَانَهُ فِيمَنْ خَالَفَ رُسُلَهُ وَأَعْرَضَ عَمَّا جَاؤُوا بِهِ